في المرآة وهو محرم، وأخرجه ابن أبي شيبة عن ابن إدريس، عن هشام به، ونقل كراهته عن القاسم بن محمد، وكذلك عند مالك.
وأما التداوي، فقال أبو بكر بن أبي شيبة، عن ابن عباس أنه كان يقول: يتداوى المحرم بما يأكل، ونقل عنه أيضًا أنه قال: إذا تشققت يد المحرم أو رجلاه، فليدهنهما بالزيت، أو بالسمن، ووقع في الأصل: يتداوى بما يأكل الزيت والسمن، وهما بالجر بدل أو عطف بيان، وروي بالنصب، وليس المعنى عليه لأن الذي يأكل هو الآكل لا المأكول، ويصح أن يكون منصوبًا على تقدير: أعني الزيت والسمن، ويجوز الرفع فيهما على أن يكون الزيت خبر مبتدأ محذوف، أي: هو الزيت والسمن، وفي هذا الأثر رد على مجاهد في قوله:"إن تداوى بالسمن أو الزيت فعليه دم"، ونصّت المالكية أن الأدهان لعلة بغير مطيب لا فدية فيه، وقد مرّ ابن عباس في الخامس من بدء الوحي. أ. هـ.
ثم قال: وقال عطاء: يتختم ويلبس الهميان. وهو بكسر الهاء، معرب يشبه تكة السراويل، يجعل فيها النفقة، ويشد في الوسط، وروى الدارقطني عن عطاء، قال: لا بأس بالخاتم للمحرم، وربما ذكره عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: لا بأس بالهميان والخاتم للمحرم، والأول أصح، قال ابن عبد البر: أجاز ذلك فقهاء الأمصار، وأجازوا عقده إذا لم يمكن إدخال بعضه في بعض، ولم ينقل عن أحد كراهته إلا عن ابن عمر، وعنه جوازه، ومنع إسحاق عقده، وقيل إنه تفرد بذلك، وليس كذلك، فقد أخرج ابن أبي شيبة بسند صحيح عن سعيد بن المسيب، قال: لا بأس بالهميان للمحرم، ولكن لا يعقد عليه السير، ولكن يلفه لفًّا، ويكون شدّ النفقة على الجلد تحت الإِزار عند المالكية، وإلا افتدى. وعند المالكية: يحرم لبس الخاتم للرجل المحرم، ومرّ عطاء ابن أبي رباح في التاسع والثلاثين من العلم. أ. هـ.
ثم قال: وطاف ابن عمر وهو محرم، وقد حزم على بطنه بثوب. وصله الشافعي عن طاووس، قال: رأيت ابن عمر يسعى وقد حزم على بطنه بثوب، وروى من وجه آخر عن نافع أن ابن عمر لم يكن عقد الثوب عليه، وإنما غرز طرفيه على إزاره، وروى ابن أبي شيبة عن مسلم بن جندب: سمعت ابن عمر يقول: لا تعقد عليك شيئًا وأنت محرم، قال ابن التين: هو محمول على أنه سنده على بطنه، فيكون كالهميان، ولم يشده فوق المئزر، وإلا فمالك يرى على من فعل ذلك الفدية، وقد مرَّ ابن عمر في أول الإِيمان قبل ذكر حديث منه.