للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معروف تقدم بيانه في باب الإهلال عند مسجد ذي الحليفة.

وقوله: "بأولهم وآخرهم"، زاد الترمذي في حديث صفية: "ولم ينج أوسطهم"، وزاد مسلم في حديث حفصة: "فلا يبقى إلا الشريد الذي يخبر عنهم", واستغنى بهذا عن تكلم الجواب عن حكم الأوسط, وأن العرف يقضي بدخوله فيمن هلك، أو لكونه آخرًا بالنسبة للأول، وأولًا بالنسبة للآخر، فيدخل.

وقوله: "وفيهم أسواقهم" كذا عند البخاري بالمهملة، والقاف جمع سوق، وعليه ترجم في البيوع، والمعنى: أهل أسواقهم، أو السوقة منهم.

وقوله: "ومن ليس منهم", أي: من رافقهم ولم يقصد موافقتهم، ولأبي نعيم عن إسماعيل بن زكرياء: "وفيهم أشرافهم" بالمعجمة، والراء والفاء، وعند الإسماعيلي: "وفيهم سواهم"، وقال: وقع في رواية البخاري: "أسواقهم"، وأظنه تصحيفًا فإن الكلام في الخسف بالناس لا بالأسواق، والظاهر أن لفظ: سواهم هو التصحف، فإنه بمعنى قوله: "ومن ليس منهم" فيلزم منه التكرار بخلاف رواية البخاري.

نعم، أقرب الروايات إلى الصواب رواية أبي نعيم، وليس في لفظ: "أسواقهم" ما يمنع أن يكون الخسف بالناس فالمراد بالأسواق أهلها، فيخسف بالمقاتلة منهم، ومن ليس من أهل القتال كالباعة. وفي رواية مسلم: فقلنا: إن الطريق يجمع الناس. قال: نعم فيهم المستبصر، أي: المستبين لذلك للمقاتلة -والمجبور- بالجيم والموحدة، أي: المكره، -وابن السبيل-، أي: سألك الطريق معهم، وليس منهم، والغرض كله أنها استشكلت وقوع العذاب على من لا إرادة له في القتال الذي هو سبب العقوبة، فوقع الجواب بأن العذاب يقع عامًا لحضور آجالهم، ويبعثون بعد ذلك على نياتهم، وفي رواية مسلم: "يهلكون مهلكًا واحدًا، ويصدرون مصادر شتًى", وفي حديث أم سلمة عند مسلم: فقلت: يا رسول الله! فكيف بمن كان كارهًا؟ قال: "يخسف به ولكن يبعث يوم القيامة على نيته", أي: يخسف بالجميع لشؤم الأشرار، ثم يعامل كل أحد عند الحساب بحسب قصده، قال المهلب في هذا الحديث: أن من كثّر سواد قوم في المعصية مختارًا أن العقوبة تلزمه معهم، قال: واستنبط منه مالك عقوبة من يجالس شربة الخمر، وان لم يشرب، وتعقبه ابن المنير بأن العقوبة في الحديث الهجمة السماوية، فلا يقاس عليها العقوبات الشرعية، وبؤيده آخر الحديث حيث قال: "ويبعثون على نياتهم", قلت: الاستنباط ظاهر، والتعقب باطل؛ لأن

<<  <  ج: ص:  >  >>