رواه سعيد بن منصور من طريقه بلفظ: رأيت ابن عمر في المسجد، فقيل له: قد رؤي الهلال، فذكر قصة فيها، فأمسك حتى كان يوم التروية، فأتى البطحاء، فلما استوت به راحلته أحرم، وروى مالك في "الموطأ" أن ابن عمر أهل لهلال ذي الحجة، وذلك أنه كان يرى التوسعة في ذلك، وعطاء مرَّ في التاسع والثلاثين من العلم، ومرَّ ابن عمر أول كتاب الإيمان، قبل ذكر حديث منه.
ثم قال: وقال عبد الملك، عن عطاء، عن جابر رضي الله تعالى عنه: قدمنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأحللنا حتى يوم التروية، وجعلنا مكة بظهر لبينا بالحج.
وصله مسلم عن عطاء، عن جابر، قال: أهللنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالحج، فلما قدمنا مكة أمرنا أن نحل ونجعلها عمرة، فكبر ذلك علينا، الحديث، وفيه: أيها الناس أحلوا، فأحللنا حتى كان يوم التروية، وجعلنا مكة بظهر أهللنا بالحج، وقد روى عبد الملك بن جريج نحو هذه القصة، وسيأتي في أثناء حديث.
وقوله:"بظهر"، أي: وراء ظهورنا.
وقوله:"أهللنا بالحج"، أي: جعلنا مكة من ورائنا في يوم التروية حال كوننا مهلين بالحج، فعلم أنهم حين الخروج من مكة كانوا محرمين، وعطاء مرَّ محله الآن، وجابر مرَّ في الرابع من بدء الوحي، وعبد الملك يحتمل أنه ابن جريج وقد مرَّ في الثالث من الحيض، ويحتمل أنه ابن أبي سليمان، وهذا هو الظاهر لأن مسلمًا وصله من طريقه، وهو عبد الملك بن أبي سليمان، واسم أبي سليمان ميسرة أبو محمد، ويقال: أبو سليمان أبو عبد الله العرزمي أحد الأئمة، قال ابن مهدي: كان شعبة يعجب من حفظه.
وقال سفيان الثوري: حفاظ الناس إسماعيل بن أبي خالد، وعبد الملك بن أبي سليمان، وذكر جماعة، وقال أيضًا: حدثني الميزان عبد الملك بن أبي سليمان، وقال ابن المبارك: عبد الملك ميزان، وقال أبو داود: كان ثقة عن أحمد، وسئل يحيى بن معين عن حديث عطاء، عن جابر في الشفعة، فقال: هو حديث لم يحدث به أحد إلا عبد الملك، وقد أنكره الناس عليه، ولكن عبد الملك ثقة صدوق، لا يرد على مثله، قيل له: تكلم فيه شعبة، قال: نعم، قال شعبة: لو جاء عبد الملك بآخر مثله لرميت بحديثه. وقال أحمد: هذا حديث منكر، وعبد الملك ثقة، وقال أيضًا: عبد الملك من الحفاظ إلا أنه كان يخالف ابن جريج، وابن جريج أثبت منه عندنا، وقال أيضًا: عبد الملك من أعيان الكوفيين، وقال أبو زرعة الدمشقي: سمعت أحمد ويحيى يقولان: عبد الملك بن أبي سليمان ثقة، وقال يحيى بن معين أيضًا: