مسعود مع أنهم لا يعدلون به أحدًا، والجواب عن مالك أنه اعتمد على صنيع عمر في ذلك، وإن كان لم يروه في "الموطأ"، واختار الطحاوي ما جاء عن جابر في حديثه الطويل عند مسلم أنه جمع بينهما بأذان واحد وإقامتين، وهذا قول الشافعي في القديم.
ورواية عن أحمد، وبه قال ابن الماجشون وابن حزم، وقوّاه الطحاوي بالقياس على الجمع بين الظهر والعصر بعرفة، وقال الشافعي في الجديد، والثوري: وهو رواية عن أحمد: يجمع بينهما بإقامتين فقط، وهو ظاهر حديث أسامة الماضي قريبًا حيث قال: فأقام المغرب، ثم أناخ الناس، ولم يحلوا حتى أقام العشاء، وقد جاء عن ابن عمر كل واحد من هذه الصفات أخرجه الطحوي وغيره، وكأنه كان يراه من الأمر الذي يتخير فيه الإنسان، وهو المشهور عند أحمد.
واستدل بحديث ابن مسعود على جواز التنفل بين الصلاتين لمن أراد الجمع بينهما لكون ابن مسعود تعشى بين الصلاتين، ولا حجة فيه لأنه لم يرفعه، ويحتمل أن لا يكون قصد الجمع، وظاهر صنيعه يدل على ذلك لقوله: إن المغرب تحول عن وقتها، فرأى أنه وقت هذه المغرب خاصةً، ويحتمل أن يكون قصد الجمع وكان يرى أن العمل بين الصلاتين هذه المغرب خاصة، ويحتمل أن يكون قصد الجمع، وكان يرى أن العمل بين الصلاتين لا يقطعه إذا كان ناويًا للجمع، ويحمل قول تحول عن وقتها، أي: المعتاد، وأما إطلاقه على صلاة الصبح أنها تحول عن وقتها، فليس معناه أنه أوقع الفجر قبل طلوعها، وإنما أراد أنها وقعت قبل الوقت المعتاد فعلها في الحضر، ولا حجة فيه لمن منع التغليس بصلاة الصبح لأنه ثبت عن عائشة وغيرها كما مرَّ في المواقيت التغليس بها، بل المراد هنا أنه كان إذا أتاه المؤذن بطلوع الفجر صلى ركعتي الفجر في بيته، ثم خرج فصلى الصبح مع ذلك بغلس، وأما بمزدلفة، فكان الناس مجتمعين، والفجر نصب أعينهم، فبادر بالصلاة أول ما بزغ حتى إن بعضهم كان لم يتبين له طلوعه، وهو بيّن في رواية إسرائيل الآتية حيث قال:"صلى الفجر حين طلع الفجر، قائل يقول: طلع الفجر، وقائل يقول: لم يطلع".
واستدل الحنفية بحديث ابن مسعود هذا على ترك الجمع بين الصلاتين في غير يوم عرفة، وجمع لقول ابن مسعود ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى صلاة لغير ميقاتها إلا صلاتين، وأجاب المجوزون بأن من حفظ حجة على من لم يحفظ، وقد ثبت الجمع بين الصلاتين من حديث ابن عمر وأنس وابن عباس وغيرهم، وتقدم في موضعه بما فيه كفاية، وأيضًا