قوله:"بالحجون" بفتح المهملة وضم الجيم الخفيفة جبل معروف بمكة، وقد تكرر ذكره في الأشعار وعنده المقبرة المعروفة بالمعلاة على يسار الداخل إلى مكة، ويمين الخارج منها إلى منى، وهذا الذي ذكرنا محصل ما قاله الأزرقي والفاكهي وغيرهما من العلماء، وأغرب السهيلي فقال: الحجون على فرسخ وثلث من مكة، وهو غلط واضح، وقال أبو عبيد البكري: الحجون: الجبل المشرف بحذاء المسجد الذي يلي شعب الجرارين، وقال أبو علي القالي: الحجون: ثنية المدنيين أي: من يقدم من المدينة، وهي مقبرة أهل مكة، عند شعب الجرارين، جمع جرار بجيم وراء ثقيلة، وذكر الأزرقي أنه شعب أبي دب -رجل من بني عامر- قال في "الفتح": قد جهل هذا الشعب الآن إلاَّ أن بين سور مكة الآن وبين الجبل المذكور مكانا يشبه الشعب، فلعله هو، ويدل على غلط السهيلي قول الشاعر:
سنبكيك ما أرسى ثبير مكانه ... وما دام جارًا للحجون المحصب
وقد تقدم ذكر المحصب وحده، وأنه خارج مكة، وروى الواقدي عن أشياخه أن قصي بن كلاب لما مات دفن بالحجون، فتدافن الناس بعده، وأنشد الزبير لبعض أهل مكة:
كم بالحجون وبينه من سيد ... بالشعب بين دكادك وآكامِ
وقوله:"ونحن يومئذ خفاف" زاد مسلم في روايته: "خفاف الحقائب" والحقائب: جمع حقيبة بفتح المهملة وبالقاف والموحدة، وهي ما احتقبه الراكب خلفه من حوائجه في موضع الرديف.
وقوله:"فاعتمرت أنا وأختي" أي: بعد أن فسخوا الحج إلى العمرة، ففي رواية صفية بنت شيبة عن أسماء قدمنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مهلين بالحج فقال:"من كان معه هدي فليقم على إحرامه، ومن لم يكن معه هدي فليحل" فلم يكن معي هدي فأحللت، وكان مع الزبير هدي فلم يحل.
وهذا مغاير لذكرها الزبير مع من أحل في رواية عبد الله مولى أسماء، فإن قضية رواية صفية عن أسماء أنه لم يحل لكونه ممن ساق الهدي، فإن جمع بينهما بأن القصة المذكورة وقعت لها مع الزبير في غير حجة الوداع، كما أشار إليه النووي على بعده وإلاَّ فقد رجح عند البخاري رواية عبد الله مولى أسماء، فاقتصر على إخراجها دون رواية صفية بنت شيبة، وأخرجها مسلم مع ما فيها من الاختلاف، ويقوي صنيع البخاري ما تقدم في باب الطواف على وضوء، عن أبي الأسود قال: سألت عروة بن الزبير، فذكر حديثًا وفي آخره: فأخبرتني أُمي أنها أهلت هي وأختها والزبير وفلان وفلان بعمرة، فلما مسحوا الركن حلَّوا، والقائل: أخبرتني: عروة المذكور، وأمه أسماء بنت أبي بكر، وهذا موافق لرواية عبد الله مولى أسماء