مسلم بلفظ: إذا أوفى أي: ارتفع على ثنية بمثلثة ثم نون ثم تحتانية ثقيلة هي العقبة، أو فدفد بفتح الفاء بعدها قال مهملة ثم فاء ثم قال، والأشهر تفسيره بالمكان المرتفع، وقيل هو الأرض المستوية، وقيل الفلاة الخالية من شجر وغيره، وقيل: غليظ الأودية ذات الحصى.
وقوله: ثم يقول: لا إله إلا الله إلخ يحتمل أن يكون كان يأتي بهذا الذكر عقب التكبير، وهو على المكان المرتفع، ويحتمل أن التكبير يختص بالمكان المرتفع، وما بعده إن كان متسعًا أكمل الذكر المذكور فيه، وإلا فإذا هبط سبح، كما دل عليه حديث جابر عند المصنف في الجهاد بلفظ: كنا إذا صعدنا كبرنا، وإذا نزلنا سبحنا، وفي رواية: وإذا تصوبنا، ويحتمل أن يكمل الذكر مطلقًا عقب التكبير، ثم يأتي بالتسبيح إذا هبط، ومناسبة التكبير عند الصعود إلى المكان المرتفع، أن الاستعلاء والارتفاع محبوب للنفوس لما فيه من استشعار الكبرياء، فشرع لمن تلبس به أن يذكر كبرياء الله تعالى، وأنه أكبر من كل شيء، فيكبره، ليشكر له ذلك، فيزيده من فضله، ومناسبة التسبيح عند الهبوط لكون المكان المنخفض محل ضيق فيشرع فيه التسبيح لأنه من أسباب الفرج، لما وقع في قصة يونس عليه السلام حين سبح في الظلمات، فنجي من الغم قال القرطبي: وفي تعقيب التكبير بالتهليل إشارة إلى أنه المنفرد بإيجاد جميع الموجودات، وأنه المعبود في جميع الأماكن.
وقوله:"آيبون" جمع آيب أي: راجع وزنا ومعنى، وهو خبر مبتدأ محذوف والتقدير نحن آيبون، وليس المراد الإخبار بمحض الرجوع، فإنه تحصيل الحاصل، بل الرجوع في حالة مخصوصة وهي تلبسهم بالعبادة المخصوصة، والاتصاف بالأوصاف المذكورة.
وقوله:"تائبون" فيه إشارة إلى التقصير في العبادة، وقاله -صلى الله عليه وسلم- على سبيل التواضع، أو تعليما لأمته، أو المراد أمته وقد تستعمل التربة لإرادة الاستمرار على الطاعة، فيكون المراد أن لا يقع منهم ذنب.
وقوله:"صدق الله وعده" أي: فيما وعد به من إظهار دينه في قوله: {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً}، وقوله:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ} الآية، وهذا في سفر الغزو، ومناسبته لسفر الحج والعمرة قوله تعالى:{لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ}.
وقوله:{ونصر عبده} يريد نفسه.
وقوله:{وهزم الأحزاب وحده} أي من غير فعل أحد من الآدميين، واختلف في المراد بالأحزاب هنا فقيل: هم كفار قريش، ومن وافقهم من العرب واليهود الذين تحزبوا أي: تجمعوا في غزوة الخندق، ونزلت في شأنهم سورة الأحزاب، ويأتي خبرهم في الغزوات إن