للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله "تركته بتعهن" بموحدة مكسورة فمثناه مفتوحة فعين مهملة ساكنة فهاء مكسورة ثم نون لأبي ذر، وللكشميهني "بتعهن" بكسر الفوقية والهاء، ولغيره بفتحهما، وحكى أبو ذر الهروي أنه سمع أهل ذلك المكان يفتحون الهاء، وفي "القاموس": تعهن -مثلث الأول مكسور الهاء-: وهي عين ماء على ثلاثة أميال من السقيا.

وقوله: "وهو قائل السقيا" بضم السين المهملة وإسكان القاف ثم مثناه تحتية مفتوحة مقصور قرية جامعة بين مكة والمدينة، وهي من أعمال الفرع بضم الفاء وسكون الراء آخره عين مهملة، و"قايل" بالمثناة التحتية من غير همز كما في الفرع وصحح عليه، وفي غيره بالهمزة، وقال النووي: روي بوجهين أصحهما وأشهرهما بهمزة بين الألف واللام من القيلولة أي: تركته بتعهن، وفي عزمه أن يقيل بالسقيا، ومعنى قائل: سيقيل، والوجه الثاني: قابل بالموحدة، وهو ضعيف وغريب وتصحيف، وإن صح فمعناه أن تعهن موضع مقابل السقيا، وقال في "المفهم" وتبعه في "التنقيح": وهو قائل اسم فاعل من القول، ومن القائلة أيضًا، والأول هو المراد هنا، والسقيا مفعول بفعل مقدر كأنه كان بتعهن، وهو يقول لأصحابه اقصدوا السقيا، قال في "المصابيح": يصح كل من الوجهين أي: القول والقائلة، فإنه أدركه في وقت قيلولته، وهو عازم على المسير إلى السقيا، إما بقرينة حالية أو مقالية، ولا مانع من ذلك أصلًا وليتأمل قوله: "فإنه أدركه وقت قيلولته" فإن لقي أبي قتادة الغفاري كان في جوف الليل، وقصة الحمار كانت بالقاحة كما يأتي بعد باب، وهي على ميل من السقيا إلى جهة المدينة، فالظاهر أن لقيا الغفاري له عليه الصلاة والسلام إنما كان ليلًا لا نهارًا، وعلى الوجه الأول: الضمير في قوله وهو للنبي -صلى الله عليه وسلم-، وعلى الثاني: الضمير لموضع وهو تعهن ولا شك أن الأول أصوب وأكثر فائدة، وعند الإسماعيلي عن هشام: وهو قائم بالسقيا، فأبدل اللام في قائل ميما وزاد الباء في السقيا، قال الإسماعيلي: الصحيح قائل باللام وزيادة الباء توهي الاحتمال الأخير المذكور.

وقوله: "فقلت: يا رسول الله" في السياق حذف، تقديره: فسرت فأدركته فقلت، ويوضحه رواية عليّ بن المبارك في الباب الذي يليه بلفظ: فلحقت برسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى أتيته فقلت: يا رسول الله.

وقوله: "إن أهلك يقرؤن عليك السلام" المراد بالأهل هنا الأصحاب بدليل رواية مسلم وأحمد وغيرهما من هذا الوجه بلفظ: إن أصحابك.

وقوله: "فانتظرهم" بصيغة فعل الأمر من الانتظار زاد مسلم من هذا الوجه: "فانتظرهم" بصيغة الفعل الماضي منه، ومثله لأحمد عن ابن علية، وفي رواية عليّ بن المبارك: فانتظرهم ففعل.

<<  <  ج: ص:  >  >>