للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السؤال إليها مجازية وإنما الذي تولى لها السؤال زوجها، وغايته أنه في هذه الرواية لم يصرح بأن الحجة المسؤول عنها كانت نذرًا وأما ما روى ابن ماجه عن ابن عباس عن سنان بن عبد الله الجهني أن عمته حدثته أنها أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: إن أمي توفيت وعليها مشي إلى الكعبة نذر الحديث، فإن كان محفوظًا حمل على واقعتين، بأن تكون امرأته سألت على لسانه عن حجة أمها المفروضة وبأن تكون عمته سألت بنفسها عن حجة أمها المنذورة، ويفسر من في حديث الباب بأنها عمة سنان واسمها غاثية كما مرَّ ولم تسم المرأة، ولا العمة ولا أم واحدة منهما.

وقوله: "إن أمي نذرت أن تحج" كذا رواه أبو بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، وسيأتي في النذور بلفظ أتى رجل النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال له: إن أختي نذرت أن تحج وإنها ماتت، فإن كان محفوظًا احتمل أن يكون كل من الأخ سأل عن أخته والبنت سألت عن أمها وسيأتي في الصيام عن سعيد بلفظ قالت امرأة: إن أمي ماتت وعليها صوم شهر، وسيأتي إن شاء الله تعالى بسط القول فيه هناك وزعم بعض المخالفين أنه اضطراب يعل به الحديث، وليس كما قال: فإنه محمول على أن المرأة سألت عن كل من الصوم والحج، ويدل عليه ما رواه مسلم عن بريدة أن امرأة قالت: يا رسول الله إني تصدقت على أمي بجارية وإنها ماتت قال: "وجب أجرك، وردها عليك الميراث" قالت: إنه كان عليها صوم شهر أفأصوم عنها؟ قال: "صومي عنها" قالت: إنها لم تحج أفأحج عنها؟ قال: "حجي عنها" وللسؤال عن قصة الحج من حديث ابن عباس أصل آخر، أخرجه النسائي عن سليمان بن يسار عنه، وله شاهد عن أنس عند البزار والطبراني، والدارقطني واستدل به على صحة نذر الحج ممن لم يحج، فإذا حج أجزأه عن حجة الإِسلام عند الجمهور، وعليه الحج عن النذور وقيل يجزىء عن النذر، ثم يحج حجة الإِسلام وقيل يجزىء عنهما.

وقوله: "قال: نعم حجي عنها" في رواية موسى بن سلمة أفيجزىء عنها أن أحج عنها؟ قال: نعم.

وقوله: "أكنت قاضيته" كذا للأكثر بضمير يعود على الدين، وللكشميهني قاضية بوزن فاعلة على حذف المفعول، وفي الحديث مشروعية القياس وضرب المثل ليكون أوضح وأوقع في نفس السامع وأقرب إلى سرعة فهمه، وفيه تشبيه ما اختلف فيه، وأشكل بما اتفق عليه، وفيه أنه يستحب للمفتي التنبيه على وجه الدليل إذا ترتبت على ذلك مصلحة، وهو أطيب لنفس المستفتي وأدعى لإذعانه، وفيه أن وفاء الدين المالي عن الميت كان معلومًا عندهم مقررًا، ولهذا حسن الإلحاق به وفيه إجزاء الحج عن الميت وفيه اختلاف وقد مرَّ ما فيه مستوفى عند الحديث الأول من الحج، وفي قوله: "فالله أحق بالوفاء" دليل على أنه مقدم على دين الآدمي، ومرَّ ما فيه من الخلاف عند الحديث المذكور، قال الطيبي: في الحديث

<<  <  ج: ص:  >  >>