أَلاَ لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... بِوَادٍ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ
وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مَجَنَّةٍ ... وَهَلْ يَبْدُوَنْ لِي شَامَةٌ وَطَفِيلُ
قَالَ: اللَّهُمَّ الْعَنْ شَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ، كَمَا أَخْرَجُونَا مِنْ أَرْضِنَا إِلَى أَرْضِ الْوَبَاءِ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا، وَفِى مُدِّنَا، وَصَحِّحْهَا لَنَا وَانْقُلْ حُمَّاهَا إِلَى الْجُحْفَةِ". قَالَتْ: وَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، وَهْيَ أَوْبَأُ أَرْضِ اللَّهِ. قَالَتْ: فَكَانَ بُطْحَانُ يَجْرِي نَجْلاً. تَعْنِي مَاءً آجِنًا.
قوله: "لما قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة" كان قدومه عليه الصلاة والسلام المدينة يوم الإثنين قريبًا من وقت الزوال، قال الواقدي: لليلتين خلتا من ربيع الأول، وقال ابن إسحاق: لثنتي عشرة ليلة خلت منه، وهذا هو المشهور الذي عليه الجمهور من السنة الأولى من التاريخ الإِسلامي.
وقوله: "وعك" بضم أوله مبنيًا للمجهول أي: أصابه الوعك وهو الحمى، والواعك الشديد من الحمى.
وقوله: "كيف تجدك" أي: تجد نفسك، أو جسدك.
وقوله: "مصبح" بمهملة ثم موحدة وزن محمد أي: مصاب بالموت صباحًا، وقيل المراد أنه يقال له وهو مقيم بأهله: صبحك الله بالخير، وقد يفجؤه الموت في بقية النهار، وهومقيم في أهله.
وقوله: "والموت أدنى" أي: أقرب.
وقوله: "من شراك" بكسر المعجمة وتخفيف الراء، السير الذي يكون في وجه النعل والمعنى أن الموت أقرب إلى الشخص من شراك نعله لرجله.
وقوله: "أقلع عنه" بفتح أوله أي: الوعك، وبضمها والإقلاع: الكف عن الأمر.
وقوله: "عقيرته" أي: صوته ببكاء أو بغناء، قال الأصمعي: أصله أن رجلًا انعقرت رجله فرفعها على الأخرى وجعل يصيح؛ فصار كل من رفع صوته يقال: رفع عقيرته، وإن لم يرفع رجله، قال ثعلب: وهذا من الأسماء التي استعملت على غير أصلها.
وقوله: "بواد" أي: بوادي مكة.
وقوله: "اذخر" قد مرَّ تفسيره مرارًا.
وقوله: "وجليل" بالجيم نبت ضعيف يحشى به خصائص البيوت، وغيرها، وهو الثمام.