فلو كان العَدوُّ واحد والمسلمون ثلاثة أمْكن القَسم بأن يصلي الإِمام بواحد ويَدَع واحدًا مواجهًا للعدو.
ومذهبه أنَّ أقلّ الجمع اثنان لقوله تعالى {وَأَطْرَافَ النَّهَارِ}[طه: ١٣٠] ولقوله تعالى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}[التحريم: ٤] وكون الطائفة تطلق على الواحد فما فوقه هو مذهب الجمهور كما مر، وهو منقولٌ عن ابن عباس والنَّخْعيّ ومُجاهد. وعن عطاء وعِكرمة وابن زَيْد أربعة. وعن ابن عباس أيضًا من أربعة إلى أربعين.
وعن الزّهري ثلاثة. وعن الحَسن عشرة، وعن مالك أقلُ الطائفة أربعة.
كذا أطلق ابن التين ومالك إنما قاله فيمن يحضر رَجْم الزاني، قاله في الفتح، وقد مر بك قريبا مذهب مالك في ذلك. وعن رَبِيعة خمسة.
وقال الرّاغب لفظُ طائفة يراد بها الجمع، والواحدُ طائفٌ. ويراد بها الواحد، فيصح أن يكون كراوِية وعَلّامَة، ويَصِحّ أن يُراد به الجمع، وأطلق على الواحد. وقال عطاء: الطائفة اثنان فصاعدا، وقَوّاه أبو إسحاق بأنَّ لفظ طائفة يُشعر بالجماعة، وأقلُّها اثنان، وتعقب بأنَّ الطائفة في اللغة القطعةُ من الشيء فلا يتَعَّين فيه العدد. وقوله تعالى {اقْتَتَلُوا}[الحجرات: ٩] أي: تقاتلوا. والجمع باعتبار. المعنى، فإن كل طائفةٍ جمع. وقوله:{فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}[الحجرات: ٩] أي: بالنصح والدعاء إلى حكم الله تعالى. وقوله:"فسمّاهم المُؤمنين".
هذا استدلال من المصنف على أن المؤمن إذا ارتكب معصية لا يَكفُر، لأنه تعالى أبقى عليه اسم المؤمن مع القتال. فقال:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}[الحجرات: ٩] ثم قال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ}[الحجرات: ١٠].