سنة اثنتين وسبعين وقيل سنة ثلاث وسبعين، وله تسعون سنة. وكان ولدا أخيه عبد الرحمن والأسود ابنا يزيد بن قيس أسَنّ منه. وليس في الستة علقمة بن قيس سواه، وأما علقمة فكثير.
ومر قريبًا أن علقمة مخضرم. وهذا أول ذكر المخضرمين فلا بد من تعريفهم. فالمخضرم على الصحيح هو الذي أدرك الجاهلية والإِسلام، ولم يُرَ في خبر قط أنهم اجتمعوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا رأوه، سواء أسلموا في حياته أم لا. وهم ليسوا صَحَابة باتفاق أهل العلم بالحديث. وقال صاحب المُحْكم: رجل مُخَضْرم: إذا كان نصف عمره في الجاهلية ونصفه في الإِسلام. وشاعر مخضرم أدرك الجاهلية. وقال ابن حبّان: الرجل إذا كان له في الكفر ستون سنة وفي الإِسلام ستون سنة يدعى مخضرمًا. ومقتضى عدم اشتراطهما نفي "الصحبة"، أن حَكِيم بن حزام وشبهه مخضرم، وليس كذلك في الاصطلاح، لأن المخضرم هو المتردد بين الطبقتين لا يدري من أيتهما هو. وهذا مدلول الخَضْرمة لُغَةً.
فقد قال صاحب المحكم: مخضرم ناقص الحَسَب، وقيل: الدّعِيّ، وقيل: من لا يُعرف أبواه، وقيل: من أبوه أبيض وهو أسود.
وقيل: من ولدته السّراري. وقال هو والجَوْهريّ: لحم مخضرم: لا يُدرى أمن ذكر هو أم من أُنثى، فكذلك المخضرمون مترددون بين الصحابة والتابعين لعدم اللّقْي. وما حكاه الحاكم عن بعض مشايخه، من اشتقاقه من أهل الجاهلية ممن أسلم ولم يهاجر، كانوا يخضرمون آذان الإِبل، أي يقطعونها لتكون علامة لإِسلامهم إن أُغِير عليهم أو حُوربوا، محتملٌ لاسم الفاعل والمفعول، فالفتح من أجل أنهم خضرموا أي قُطِعوا عن نُظرائهم بما ذكر، فيكون مخضرم اسم مفعول. والكسر من أجل أنهم خَضْرَموا آذان إبلهم فهو اسم فاعل. وأشار العراقي إلى الصحيح في المخضرمين بقوله:
والمُدركونَ جاهِلِيّةً فَسَمّ ... مُخَضْرمِين كَسُوَيْد في أمَمْ