بأن أرجعه، أي برجعِهِ إلى بلده وفي نسخة: أُرْجعه بضم الهمزة. وقوله:"بما نال من أجر" عبّر بالماضي في نال موضع المضارع لتحقُّق وعده تعالى، أي: بالذي أصابه من النَّيْل، وهو العطاء من أجر خالص، إن لم يغنم شيئًا أو من غنيمة خالصة معها أجر، وكأنه سكت عن الأجر الثاني الذي مع الغنيمة لنقصه بالنسبة إلى الأجر الذي بلا غنيمة.
والحامل على هذا التأويل هو أن ظاهر الحديث أنه إذا غنم لا يحصل له أجر، وليس ذلك مرادا، بل المراد أو غنيمة معها أجر أنْقَصُ من أجرِ من لم يغنم، لأن القواعد تقتضي أنه عند عدم الغنيمة أفضل منه وأتم أجرا عند وجودها، فالحديث صريح في نفي الحرمان، وليس صريحًا في نفي الجمع.
قال الكرمانيّ: معنى الحديث أن المجاهد إما أن يستشهد أو لا.
والثاني: لا ينفكُّ من أجر أو غنيمة مع امكان اجتماعهما، فهي قضية مانعة الخُلوّ لا الجمع، فعلى هذا الذي يغنم يرجع بأجر لكنه أنقص من أجر من لم يغنم، فتكون الغنيمة في مقابلة جزاء من أجر الغزو، فإذا قوبل أجر الغانم بما حصل له من الدنيا وتمتعه به، بأجر من لم يغنم مع اشتراكهما في التعب والمشقة كان أجر من غنم دون أجر من لم يغنم. وهذا موافق لقول خَبّاب في الحديث الصحيح الآتي عند المؤلف "فمنّا من مات ولم يأكل من أجره شيئًا".
ويؤيد هذا التأويل ما أخرجه مُسلم عن عبد الله بن عَمرو بن العاص، مرفوعًا:"ما مِن غازية تغزو في سبيل الله فيُصيبون الغنيمة إلا تعجَّلُوا ثلثي أجرهم من الآخرة، ويبقى لهم الثلث فإن لم يصيبوا غنيمة تمّ لهم أجرهم". وذكر بعض العلماء للتعبير بثلثي الأجر في هذا الحديث لطيفة بالغة، ؤلك أن الله أعد للمجاهدين ثلاث كرامات دُنْيويَّتان وأُخْرويَّة.
فالدنيويتان: السلامة والغنيمة. والأُخروية: دخول الجنة. فإذا رجع سالمًا