فالمتحرك بمعنى الفاعل كضحَكة بمعنى كثير الضحك، والمسكن بمعنى المفعول كضُحكَة أي: مضحوك عليه، فالمعنى إما جامع للناس، أو مجموع له، وهذه قاعدة كلية، قال الناظم:
ورَجُلٌ ضُحكَةٌ كثيرُهُ ... وضُحْكةٌ يَضْحكُ منه غيرُهُ
وإنما لم يقل عمر: جعلناه عيدًا ليوافق جوابه السؤال، وإنما أجاب بمعرفة الوقت والمكان لما ثبت في "الصحيح" من أن النزول كان بعد العصر، ولا يتحقق العيد إلا من أول النهار، وقد قالوا: إن رؤية الهلال بعد الزوال للقابلة.
وفي "الفتح": وعندي أن هذه الرواية اكتفى فيها بالإشارة، وإلا فرواية إسحاق عن قَبيصة نصَّت على المراد، ولفظه:"نزلت يومَ جُمعة، يومَ عرفة، وكلاهما بحمد الله لنا عيد" لفظ الطبري والطبراني: "وهما لنا عيدان" وكذا عند الترمذي عن ابن عباس أن يهوديًّا سأله عن ذلك، فقال: نزلت في يوم عيدين، يوم جمعة. ويوم عرفة. فظهر أن الجواب تضمن أنهم اتخذوا ذلك اليوم عيدًا، وهو يوم الجمعة، واتخذوا يوم عرفة عيدًا لأنه ليلة العيد، وهكذا جاء في الحديث الآتي في الصيام:"شهرا عيدٍ لا ينقصان رمضان وذو الحجة" فسمى رمضان عيدًا لأنه يعقُبُه العيد.
وقال النووي: فقد اجتمع في ذلك اليوم فضيلتان وشرفان، ومعلوم تعظيمنا لكل منهما، فإذا اجتمعا زاد التعظيم، فقد اتخذنا ذلك اليوم عيدًا فعظمناه، وعظمنا مكان نزول الآية.
فإن قيل: كيف دلت هذه القصة على ترجمة الباب وهي الزيادة والنقصان في الإيمان؟ فالجواب من جهة أنها بينت أن نزولها كان بعرفة، وكان ذلك في حجة الوداع التي هي آخر عهد البعثة حين تمت الشريعة وأركانها، وقد جزم السُّدِّيّ بأنه لم ينزل بعد هذه الآية شيء من الحلال والحرام.