وروى عن أشهب من المالكية كراهة ما إذا تبعها ولم يصلِّ ولم يحضر الدفن، وقد أثبتت رواية الباب أن القيراطين إنما يحصُلان بمجموع الصلاة والدفن، وأن الصلاة دون الدفن يحصُل بها قيراط واحد، وهو المعتمد خلافًا لمن تمسك بظاهر رواية الأعرج عن أبي هُريرة الآتية في الجنائز بلفظ:"من شهدَ الجنازة حتى يصلي فله قيراط، ومن شهدها حتى تُدفن كان له قيراطان" فقال: إن له بالمجموع ثلاثة قراريط، وعزى ابن التين هذا القول للقاضي أبي الوليد، لكن رواية ابن سِيرين في الباب صريحة، في أن الحاصل من الصلاة والدفن قيراطان، وكذلك رواية خباب عند مسلم بلفظ:"من خرجَ مع جنازة من بيتها، ثم تبعها حتى تُدفن، كان له قيراطان من أجرٍ، كل قيراط مثل أحد، ومن صلى عليها ثم رَجعَ كان له قيراط" وكذلك رواية الشعبي عن أبي هُريرة عند النّسائي بمعناه.
قال النووي: رواية ابن سيرين صريحة في أن المجموع قيراطان، ومعنى رواية الأعرج على هذا كان له قيراطان، أي بالأول مثل حديث من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله، أي: بانضمام صلاة العشاء، ورواية خباب المارة عند مسلم، ورواية أحمد عن أبي سعيد الخُدْري:"فمشى معها من أهلها" يقتضيان أن القيراط يختصُّ بمن حضر من أول الأمر إلى انقضاء الصلاة، وبذلك صرح المحب الطبريّ وغيره، والذي يظهر أن القيراط يحصُل أيضًا لمن صلى فقط، لأن كل ما قبل الصلاة وسيلة إليها، لكن يكون قيراط من صلى فقط دون قيراط من شَيَّع مثلًا وصلى، ورواية مسلم عن أبي هريرة بلفظ:"أصغرهما مثل أحُد" يدل على أن القراريط تتفاوت، وفي هذه الرواية عند مسلم:"من صلى على جنازة ولم يتْبَعْها فله قيراطٌ" وعند أحمد عن أبي هُريرة أيضًا: "من صلى ولم يتبع فله قيراطٌ" فدل على أن الصلاة تحصِّل القيراط وإن لم يكن اتباع، ويمكن أن يُحمل الاتباع هنا على ما بعد الصلاة، وجاء في حديث البزّار عن أبي هُريرة مرفوعًا ما هو صريح في حصول القيراط بالصلاة فقط، ولفظه: "من أتى