يدل عليه المعنى، وإنما فصل بين الترجمتين بالأثار التي ذكرها لتعلقها بالأولى فقط، وأما الحديثان فالأول منهما متعلق بالثانية، والثاني متعلق بالأولى، ففيه لف ونشر غير مرتب، على حد قوله تعالى:{يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ .. الآية}.
وقوله:"على التقاتل" كذا في أكثر الروايات، وهو المناسب لحديث الباب، لقوله فيه:"وقتاله كفر" وفي رواية: "على النفاق".
قال في "الفتح": معناه صحيح وإن لم تثبت به الرواية.
قال القَسْطَلاني: بل ثبتت به الرواية عن أبي ذَرٍّ، ونسخة السُّمَيْساطي.
وقوله:"لقول الله تعالى"، وفي رواية:"عز وجل"، وفي رواية:"لقوله عز وجل".
وقوله:{وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا} أي: لم يقيموا على ذنوبهم غير مستغفرين، لأن من أصر على نفاق المعصية خُشِيَ عليه أن يفضي به إلى نفاق الكفر، وقد روى الترمذي من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه:"ما أصرَّ من استغفر وإن عادَ في اليومِ سبعينَ مرةً".
وقوله:{وَهُمْ يَعْلَمُونَ} حال من يُصروا، أي: لم يصروا على قبيح فعلهم عالمين به، فقد روى أحمد من حديث ابن عُمر مرفوعًا:"ويلٌ للمصّرينَ الذينَ يصرّونَ على ما فعلوا وهم يعلمون" أي: يعلمون أن من تاب تاب الله عليه، ثم لا يستغفرون. قاله مجاهد وغيره.
ومراد المصنف الرد على المرجئة، حيث قالوا: لا حذر من المعاصي مع حصول الإيمان، ومفهوم الآية التي ذكرها يرد عليهم، لأنه تعالى مدح من استغفر لذنبه ولم يقم عليه، فمفهومه ذم من لم يفعل ذلك، وأدل على المراد من هذه الآية قوله تعالى:{لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} اهـ.