واستدل الجمهور على اشتراط النية في الوضوء بالأدلة الصحيحة المصرحة بوعد الثواب عليه، فلابد من قصد يميزه عن غيره، ليحصل الثواب الموعود به.
وقوله:"والصلاة" أي: وكذا الصلاة، من غير خلاف أنها لا تصح إلا بالنية، نعم نازع ابن القيّم في استحباب التلفظ بها، وكذا المالكية، بل التلفظ بها عندهم خلاف الأولى إلا في حق الموسوس، فيندب له، محتجين بأنه لم يرد أنه صلى الله تعالى عليه وسلم تلفظ بها، ولا عن أحد من أصحابه.
وأجيب بأنه عون على استحضار النية القلبية، وعبادة اللسان، وقاسه بعضهم على ما في "الصحيح" من حديث أنس أنه سمع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يلبي بالحج والعمرة جميعًا، يقول:"لبيك حجّاً وعمرة"، وهذا تصريح باللفظ، والحكم كما يثبت باللفظ يثبت بالقياس، وتجب مقارنة النية لتكبيرة الإحرام، لأنها أول الأركان، وذلك بأن يأتي بها عند أولها، ويستمر ذاكرًا لها ... إلخ.
واختار النووي تبعًا للغزالي الاكتفاء بالمقارنة العرفية عند العوام، بحيث يعد مستحضرًا للصلاة. وقال ابن الرفعة: إنه الحق، وصوبه السُّبكي، ولو عزبت النية قبل تمام التكبيرة لم تصح الصلاة، لأن النية معتبرة في الانعقاد، والانعقاد لا يحصل إلا بتمام التكبيرة.
ولو نوى الخروج من الصلاة، أو تردد في أن يخرج أو يستمر بطلت، بخلاف الصوم والحج والوضوء والاعتكاف، لأنها أضيق بابًا من الأربعة، فكان تأثيرها باختلاف النية أشد.
ولو علق الخروج من الصلاة بحضور شيء بطلت في الحال، ولو لم يقطع بحصوله، كتعليقه بدخول شخص، كما لو علق به الخروج من الإِسلام، فإنه يكفر في الحال قطعًا، قاله القسطلّاني، ونظم بعض المالكية حاصل ما قيل في رفض العبادة بقوله: