للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرتبة الثانية ثم الثالثة ثم الأولى، فقال:

والأتْقِيا مَنْ لا ينونَ لَهُمُ ... تنزةٌ عَنْ كلِّ ما يُؤثِّمُ

أعلى مراتب الثُّقى التَّنَزُّهُ ... عن شاغلٍ عن الذي الأمرُ لهُ

وربَّما أُطَلق في التَّبَرّي ... عن جعلِ للهِ شريكٍ فادْرِي

وفي "تفسير" ابن جُزي درجات التقوى خمس: أن يتقي العبد الكفر وذلك مقام الإِسلام، وأن يتقي المعاصي وهو مقام التوبة، وأن يتقي الشبهات وهو مقام الورع، وأن يتقي المباحات وهو مقام الزهد، وأن يتقي خطور غير الله تعالى على قلبه وهو مقام المشاهدة.

وفي "ضياء التأويل" عند قوله تعالى: {إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا} إن في المواضع الثلاثة إشارة إلى مراتب التقوى، الأولى: اتقاء المحارم تقوى العوام، والثانية: اتقاء الشبهات تقوى الخواص، والثالثة: اتقاء غير الله تعالى، وهو ربط سره على الله، وهو تقوى خواص الخواص، فهذه مراتب المبدأ والوسط والمنتهى.

وقيل: في الآية غير هذا، فقيل: الأول: اتقوا المحرمات خوف الوقوع في الكفر. والثاني: الشبهات خوف الوقوع في المحرمات. والثالث: بعض المباحات خوف الوقوع في الشبهات.

وقيل: الأول تقوى العبد بينه وبين ربه، والثاني: تقوى العبد بينه وبين نفسه، والثالث: تقوى العبد بينه وبين الناس. لأن العبد لا يكمل إلا إذا كان طائعًا فيما بينه وبين ربه، مجاهدًا فيما بينه وبين نفسه، محافظًا على حقوق العباد، وقد أشبعنا الكلام على التقوى في كتابنا على التصوف المسمى بـ"تصوف السعادة والنجاح".

وقوله: "والوَقار والسكينة" بالجر عطف على اتقاء، أي: وعليكم بالوَقار، وهو بفتح الواو الرزانة، والسكينة السكون، والصحيح في تفسيرهما ما نظمه شيخنا عبد القادر بقوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>