للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "فإنه كان يحبُّ العفوّ" يعني عن ذنوب الناس، وفيه إشارة إلى أن الجزاء يقع من جنس العمل.

وقوله: "ثم قال: أما بعد" ببناء بعد على الضم، ظرف زمان حذف منه المضاف إليه، ونُوي معناه، وكلمة أما بمعنى الشرط، أي: مهما يك من شيء فقد كان كذا، وتلزم الفاء في تالي تاليها، والتقدبر: أما بعد كلامي هذا فإني .. إلخ، وقد قيل: إن فصل الخطاب الذي أُعطيه داود عليه السلام هو أما بعد، وقيل: إنه هو أول من تكلم بها، وهو أقرب الأقوال، رواه الطبرانيُّ مرفوعًا عن أبي موسى، وفي إسناده ضعف. وقيل: يعقوب عليه السلام. وقيل: يَعْرُب -كينصر- ابن قحْطان.

وفي "غرائب مالك" للدَّارَقُطني أن يعقوب عليه السلام أول من قالها، فإن ثبت وقلنا: إن قحطان من ذرية إسماعيل. فيعقوب أول من قالها مطلقًا، وإن قلنا: إن قحطان قبل إبراهيم فيعْرُب أول من قالها، وقيل: كعب بن لؤي، أخرجه القاضي أبو أحمد الغَسَّاني بسند ضعيف، وقيل: قس بن ساعدة الإياديّ، وقيل سَحْبان وائل، وقيل: أيوب عليه السلام، ونظم الأقوال السبعة بعضهم فقال:

جَرَى الخُلْفُ أما بعدُ مَنْ كانَ بادئا ... بها سبعُ أقوالٍ وداودُ أقربُ

لفصلِ خطابٍ ثمَّ يعقوبُ قسُّهُم ... فسَحْبانُ أيوبٌ فكعبٌ فيَعْرُبُ

وقد روى أربعون صحابيًّا أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كان يقول: أما بعد في خطبه ورسائله، وقد تقدمت أما بعد في حديث هرقل، وتكلمت عليها هناك، ولكن الكلام عليها في هذا المحل اوسع.

وقوله: "قلت: يا رسول الله" لم يأت بأداة العطف، لأنه بدل اشتمال من أتيت، أو استئناف. وفي رواية أبي الوقت: "فقلت له".

قوله: "فشرط علي والنصح لكل مسلم" والنصح بالخفض عطفًا على الإِسلام، ويجوز نصبه عطفا على مقدر أي: شرط على الإِسلام والنصح، والتقييد بالمسلم للأغلب، وإلا فالنصح للكافر الذمي معتبر بأن يدعى

<<  <  ج: ص:  >  >>