إلى الإِسلام، ويشار عليه بالصواب إذا استشار، واختلف العلماء في البيع على بيعه ونحو ذلك، فجزم أحمد أن ذلك يختص بالمسلمين، واحتج بهذا الحديث.
وقوله:"ورب هذا المسجد" أي: مسجد الكوفة، فإن كلامه هذا مشعر بأن خطبته كانت في المسجد، ويجوز أن يكون إشارة إلى جهة المسجد الحرام، ويدل عليه رواية الطبراني بلفظ:"ورب الكعبة" وذكر ذلك للتنبه على شرف المقسم به، ليكون أدعى للقبول.
وقوله:"إني لكُم لناصحٌ" فيه إشارة إلى أنه وفي بما بايع عليه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، وأن كلامه عارٍ عن الأغراض الفاسدة، والجملة جواب القسم مؤكد بإن، والسلام والجملة الاسمية.
وقوله:"ثم استغْفر ونزل" مشعر بأنه خطب على المنبر، أو المراد قعد؛ لأنه في مقابلة قوله:"قام فحمد الله تعالى".
وقد ختم كتاب الإيمان بباب النصيحة، مشيرًا إلى أنه عمل بمقتضاه في الإرشاد إلى العمل بالحديث الصحيح دون السقيم، ثم ختمه بخطبة جرير المتضمنة لشرح حاله في تصنيفه، فأومأ بقوله:"فإنما يأتيكم الآن" إلى وجوب التمسك بالشرائع حتى يأتي من يقيمها، إذ لا تزال طائفة منصورة، وهم فقهاء أصحاب الحديث. وبقوله:"استعفُوا لأميركم" إلى طلب الدعاء له لعمله الفاضل، ثم ختم بقوله:"استَغْفَر ونزل" فأشعر بختم الباب، ثم عقبه بكتاب العلم لما دل عليه حديث النصيحة أن معظمها يقع بالتعلم والتعليم، هكذا قال في "الفتح"، وفي كون البخاري قصد هذا كله تكلف لا يخفى.
رجاله أربعة وفيه ذكر المغيرة بن شعبة.
الأول: محمد بن الفضل أبو النعمان السَّدوسيّ البَصْري المعروف بعارِم.
قال الذُّهليّ: حدثنا محمد بن الفضل عارِم وكان بعيدًا من العرامة،