للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث شمه، مقصودهما أن المحدث إذا سُئل عن طرف حديث واكتفى السائل بطرقه عن ذكر باقيه، كان ذلك كافيا. وقد كان السلف يكتبون أطراف الأحاديث ليذاكروا الشيوخ فيحدثوهم بها، وما عنيا تساهلًا في الحديث ولا في الأداء.

سادسها: -في التحديث من وراء ستر، فيصح السماع به بخلاف الشهادة، لأن باب الرواية أوسع، وكما لا تشترط رؤيته له لا يشترط تمييزه له من الحاضرين. وشرطُ صحة السماع أن يكون السامع عارفًا لمن وراء الستر، بصوته أو بإخبار من يثق بعدالته وضبطه، أن هذا صوته، إن كان يحدث بلفظه، أو أنه حاضر إن كان عَرْضا.

وقال شعبة: لا ترو عن من يحدثك، ولم تواجهه، فلعله شيطان. ودليل الصحة حديث "أن بلالا يؤذن بليل فكلُوا واشربوا حتى تسمعوا تأذين ابن أُمِّ مكتوم"، فأمر الشارع بالاعتماد على صوته مع غيبة شخصه عمنّ يسمعه، وتحديث أمّنا عائشة وغيرها من أمهات المؤمنين من وراء حجاب، مع نقل ذلك عنهن ممن سمعه والاحتجاج به في الصحيح.

سابعها: -فيما إذا منع الشيخُ الطالبَ الرواية عنه، فله أن يرويه عنه، ولا يضره منع الشيخ له، كأن يقول له: لا لعلة تمنع الرواية لا تروه عني، أو: ما أذنت لك في روايته فتسوغ له روايته عنه، لأنه قد حدثه وهو شيء لا يرجع فيه، ولا يؤثِّر منعه، وكذلك لا يضر التخصيص من الشيخ لجماعة مثلًا، بالسماع، وقد سمع غيرهم، سواءًا علم الشيخ سماعه، أو لم يعلم. وكذا لو قال: أخبركم، ولا أخبر فلانا، لا يضره. وكذا، لا يضر الرجوع بكتابة ونحوها، أو بلفظ نحو "رجعت عما حدثتكم به" ما لم يقل مع ذلك: اخطأت فيما حدثتُ به، أو شَكَكْتُ في سماعه، أو نحو ذلك. فإن قال معه ذلك، لم يروِهِ عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>