قوله: في المسجد، طهارة أبوال الإبل وأرواثها، إذ لا يؤمن ذلك منه مدة كونه في المسجد. ولم ينكره النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، وتعقّبه في "الفتح"، قائلًا: إن دلالته غير واضحة، وإنما فيه مجرد احتمال، ويدفعه رواية أبي نعيم "أقبل على بعير له فأناخه ثم عقله فدخل المسجد"، فهذا السياق يدل على أنه ما دخل به المسجد. وأصرح منه رواية ابن عباس عند أحمد والحاكم، ولفظها "فاناخَ بعيره على باب المسجد، فعقله، ثم دخل" فعلى هذا في رواية أنس مجاز الحذف، والتقدير فأناخه في ساحة المسجد أو نحوه. ويأتي إن شاء الله تعالى تمام البحث عند محله في الطهارة.
وقوله:"ثم قال لهم: أيكم؟ " استفهامٌ مرفوع على الابتداء، خبره محمدٌ. وقوله: متكىء، بالهمز، أي مستو على وطاء، والجملة اسمية، وقعتْ حالًا. وقوله:"بين ظَهرانَيهم" بفتح الظاء المعجمة، والنون، أي: بينهم. وزيدَ لفظ الظّهر ليدل على أن ظهرًا منهم قُدّامه، وظهرًا وراءه، فهو محفوف بهم من جانبيه والألف والنون فيه للتأكيد.
وقال في "المصابيح": زيدت الألف والنون على ظهر عند التثنية للتأكيد، ثم كثر حتى استعمل في الإقامة بين القوم مطلقا، من غير أن يكون محفوفًا بهم، فهو مما أريد بلفظ التثنية فيه معنى الجمع.
وما استشكل به البدر الدَّماميْنىّ من ثبوت النون فيه مع الإِضافة، يجاب عنه بأنها غير ثابتة، فإن النون الثابتة هي التي يجاء بها للتوكيد في النسبة، كما يقال في النسبة إلى النفس نفساني، ونون التثنية محذوفة، لأنها هي التي تكون بعد ياء التثنية، فتأمل.
وفيه جواز اتكاء الإِمام بين اتباعه، وفيه ما كان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، عليه من ترك التكبر، لقوله بين ظَهْرانيْهم، وقوله:"الأبيض" أي المُشْرَب بحمرة، كما في رواية الحارث بن عُمير الأمْغَر، أي بالغين المعجمة، قال حمزة بن الحارث: هو الأبيض المُشْرب بحمرة، ويؤيده ما