يأتي في صفته صلى الله تعالى عليه وسلم، أنه لم يكن أبيض ولا آدم، أي لم يكن أبيض صرفًا كلون الجِص.
وقوله: فقال له الرجل ابن عبد المطلب، بفتح النون على النداء، وفي رواية الكَشْميهنىّ:"يا ابن" بإثبات حرف النداء، وقوله: قد أجبتك، أي: سمعتك، أو المراد إنشاء الإجابة، أو نزل تقريره للصحابة في الأعلام عنه منزلة النطق. وهذا لائق بمراد المصنف. وقد قيل: إنما لم يقل "نعم" صريحًا، لأنه لم يخاطبه بما يليق بمنزلته من التعظيم، لاسيما مع قوله تعالى:{لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا}[النور: ٦٣]. والعذر عنه إن قلنا إنه قدّم مسلمًا أنه لم يبلغه النهي، وكانت فيه بقية من جفاء العرب، وقد ظهرت بعد ذلك في قوله:"فمشدِّد عليك في المسألة" وفي قوله في رواية ثابت: "وزعم رسولك أنك تزعم"، وقوله:"فقال الرجل للنبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم"، وقد سقط عند ابن عساكر الرجل إلى آخر التصلية، وسقط لفظ الرجل فقط لأبي الوقت قوله:"فمشدِّدٌ عليك" بكسر الدال الأولى المثقلة، والفاء عاطفة على سائلك.
وقوله:"فلا تجد عليَّ في نفسك "أي: لا تغضب. ومادة "وجد" متحدة الماضي والمضارع، مختلفة المصادر بحسب اختلاف المعاني فيقال في الغضب: مَوْجدة، وفي المطلوب وُجودًا، وفي الضالة وجدانًا، وفي الحب وجْدًا، بالفتح، وفي الغنى جدة، بكسر الجيم وتخفيف الدال المفتوحة، وقالوا في المكتوب "وجادة" وهي مولدة.
واعتراض العيني على ابن حجر بأن بعض أفعالها قد توجد فيه لغة بضم الجيم في المضارع، ساقطٌ لا فائدة فيه؛ لأن ابن حجر إنما عني باتحادها في اللغة المشهورة، ولهذا قال: على الأشهر في جميع ذلك، فتأمل. وقد وقع في رواية ثابت عن أنس الآتية الإِشارة إلى ما مر من الاعتذار عنه. "كنا نُهينا في القرآن أن نسأل رسول الله، صلى الله تعالى عليه وسلم، عن شيء فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية