للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العاقل، فيسأله، ونحن نسمع. زاد أبو عُوانة في "صحيحه": وكانوا أجرأ على ذلك منا، يعني أن الصحابة واقفون عند النهي الوارد في آية المائدة، وأولئك يغدرون بالجهل، وتمنوه عاقلًا ليكون عارفًا بما يسأل عنه، وقد ظهر عقل ضمام في تقديمه الاعتذار بين يدي مسألته، لظنه أنه لا يحصل إلى مقصوده إلا بتلك المخاطبة.

وقوله: آلله أرسلك إلى الناس كلهم؟ بهمزة الاستفهام الممدودة في المواضع كلها، والرفع على الابتداء، والخبر أرسلك أو نحوها. وقوله: "اللَّهم نعم" الجواب حصل بنعم، وإنما ذكر "اللهم" تبركًا بها، وكأنه استشهد بالله في ذلك تأكيدًا لصدقه. وميم "اللهم" عِوَض عن حرف النداء، فلا يجتمعان إلا شذوذًا، ليتميز نداؤه عن نداء غيره. وإنما كانت ميما لقربها من حروف العلة، وشددت لأنها عِوَض من حرفين، ووقع في رواية موسى الآتية، فقال: "صدقت" قال: فمن خلق السماء؟ قال: الله، قال: فمن خلق الأرض والجبال؟ قال: الله. قال: فمن جعل فيها المنافع؟ قال: الله، قال: فبالذي خلق السماء، وخلق الأرض، ونصب الجبال، وجعل فيها المنافع، آلله أرسلك؟ قال: نعم". وكذا هو في رواية مسلم.

وقوله: "أن تصلي الصلوات الخمس" هو بتاء المخاطب فيه، وفيما بعده، وعند الأصيلي بالنون فيها، قال القاضي عياض: هو أوجه، ويؤيده رواية ثابت بلفظ "إن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا" وساق البقية كذلك. وتوجيه الأول أن كل ما وجب عليه وجب على أمته حتى يقوم دليل الاختصاص. وفي رواية الكَشْمَيهِنيّ والسَّرخْسيّ "الصلاة الخمس" بالإِفراد على إرادة الجنس. وقوله: "أن تأخذ هذه الصدقة من أغنيائنا فتقسمها على فقرائنا" من تغليب الاسم لكل الأصناف بمقابلة الأغنياء، أو خرج مخرج الأغلب، لأنهم معظم الأصناف الثمانية.

وقوله: "فقال الرجل: آمنت بما جئت به"، يحتمل أن يكون إخبارًا، وهو اختيار البخاريّ، ورجَّحه القاضي عياض، وأنه حضر بعد إسلامه

<<  <  ج: ص:  >  >>