للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكنَّه اعتمد في كونه مرويَّه على الطالب الذي أحضره، وهو ثقة معتمد. وإن لم يكن الطالب المحضر للكتاب ثقةً معتمدًا، بَطل كلٌ من المناولة والإذن، إلا إذا تبيّن بعد ذلك بخبر ثقةٍ أن ذلك من مرويه، فالظاهر الصحة، لزوال ما كان يُخشى من عدم ثقة المُجاز، وإن قال: أجزته لك، إن كان ذلك من حديثي، كان ذلك فعلًا حسنًا، فإن كان المحضر ثقة، جازت روايته بذلك، أو غير ثقة، وتبين بخبر ثقة، أنه من مرويِّ الشيخ.

وقد قال الإِمام مالك وجماعة من المدنيين وغيرهم: إن المناولة المقرونة بالإجازة تعادل السماع، بل ذهب جماعة إلى أنها أعلى منه، ووجهه بأن الثقة بالكتاب مع الإِجازة أكثر من الثقة بالسماع وأثبت لما يدخل من الوهم على السامع والمستمع. والذي عليه النُّعمان والشافعيّ وأحمد وابن المبارك وإسحاق بن رَاهَويه وغيرهم: أنها أنقص من السماع، وهو التحقيق، وقد حكى القاضي عِياض الإِجماع على أنها صحيحة معتمدة، وإن كانت مرجوحة بالنسبة للسماع على المعتمد.

إن النوع الثاني: أن تخلو المناولة من الإذن، وذلك بأن يناوله مرويَّه، ويقول له: هذا حديثي، ومرْويِّي فقط، فالصحيح أنها باطلة، لا تجوز الرواية بها لعدم التصريح بالاذن فيها وقيل صحيحة تجوز الرواية بها لإِشعارها بالإِذن في الرواية.

واختلف أئمة الحديث فيما يقوله الراوي بالمناولة الصحيحة، فأجاز مالك وابن شهاب له أن يقول: "حدثنا" و"أخبرنا"، بل أجاز ابن جُريج له ذلك في مُطلق الرواية بالإجازة المجردة عن المناولة. وقال أبو عبد الله محمد بن عمران المَرْزُبانيّ، بضم الزاي، وأبو نُعيم الأصْبهاني: إنه يقول: "أخبرنا" دون "حدثنا"، والصحيح عند الجمهور، أنه لابد له من التقييد بما يبين كيفية تحمله من سماع أو إجازة أو مناولة، كأن يقول: حدثنا أو أخبرنا فلان إجازة أو مناولة أو هما معًا، أو يقول: أذِن أو أطلق

<<  <  ج: ص:  >  >>