لي روايته عنه، أو أجازني أو سوَّغ لي أو أباح لي أو ناولني ونحوها، مما يبين كيفية التحمل.
وإن أجاز الشيخ للمُجاز إطلاق "حدثنا" و"أخبرنا" في المناولة والإِجازة، كما فعله بعض المشايخ في إجازتهم حيث قالوا في إجازتهم لمن أجازوا له، إن شاء قال: حدثنا أو أخبرنا، لم يكن ذلك كافيًا، في جواز الإِطلاق. وبعض المحدِّثين، كالحاكم، لم يقتصر على ما مر، بل أتى بلفظ موهِمٍ غير المراد فيما أجازه به شيخه بلفظه، شفاهًا أو بكتابة، كأخبرنا فلان مشافهةً، أو تشافهني فلان، أو أخبرني فلان كتابةً أو مكاتبة، أو في كتابه أو كتب لي.
وهذه الألفاظ وإن استعملها بعض المتأخرين، لم يسلم من استعملها من الإِيهام، وطرفٍ من التدليل. أما المشافهة فتوهم مشافهته بالتحديث، وأما الكتابة فتوهم أنه كتب إليه بذلك الحديث بعينه، كما كان يفعله المتقدمون. وقد قال الأوزاعي: إنه يأتي بـ"يخبرنا" في الإجازة، و"بأخبرنا" في القراءة، ولم يخلُ ما قاله من النزاع. واختار الخطّابي أن يقول في الإِجازة: أخبرنا فلان أن فلانًا حدثه أو أخبره، واستبعده ابن الصَّلاح، وقال: لكنْ إذا كان سمع منه الإِسناد فقط من شيخه، وأجازه فيما وراءه كان ذلك قريبًا فإن في أن إشعارًا بوجود أصل الإِخبار، وإن أجْمل الخبر، ولم يفصِّله، واختار أبو العباس الوليد بن بكر بن مَخْلد الغَمْريّ الأنْدلسيّ، صاحب "الوِجازة في تجويز الإجازة" أن يقول في الإِجازة: أنبأنا. واختاره الحاكم فيما شافهه فيه شيخه بالإِذن في روايته بعد عرضه له عرض مناولة.
واستحسن البَيْهَقيّ أن يقول: أنبأنا إجازة، وبعض متأخري الحديث استعمل لفظ "عن" فيما سمعه من شيخه الراوي، عن شيخه إجازة، فيقول: قرأته على فلان عن فلان، ولفظة "عن" قرينة لمن سماعه من شيخه، فيه شك مع تيقُّن إجازته منه، ولفظ "عن" مشترك بين السماع