سقَيْنا من ابن الحضرميّ رماحنا ... بنخلةَ، لما أوقد الحرب واقدُ
دمًا، وابن عبد الله عثمان بيننا ... ينازعه غِل من الحقد عاقدُ
وواقد هو ابن عبد الله التميمي، وهو القاتل لابن الحضرميّ. فأما الحَكَم بن كَيْسان، فأسلم وحَسُن إسلامه، وأقام عند النبي -صلى الله عليه وسلم-، حتى قتل يوم بئر مَعُونة شهيدًا. وأما عثمان، ففداه قومه، ولحق بمكة، ومات بها كافرًا، نسأل الله الكريم الحنّان المنّان العصمةَ من ذلك.
ووجه الدلالة من هذا الحديث ظاهرة، فإنه ناوله الكتاب وأمره أن يقرأه على أصحابه، ليعملوا بما فيه، ففيه المناولة، ومعنى الكتابة. وتعقبه بعضهم بأن الحجة إنما وجبت به لعدم توهم التبديل والتغيير فيه، لعدالة الصحابة، بخلاف من بعدهم. حكاه البَيْهقيّ، قال في "الفتح": أقول: شرط قيام الحجة بالمكاتبة أن يكون الكتاب مختومًا، وحامله مؤتمنًا، والمكتوب إليه يعرف خط الشيخ، إلى غير ذلك من الشروط الدافعة لتوهم التغيير، كما مر. يعني أنه حينئذ يؤمن التغيير فيه، كما هو الواقع في حق الصحابيّ.
ولم يذكر البخاريّ هذا الحديث موصولًا في كتابه، ووصله الطَّبرانيّ من حديث جُنْدُب البَجْليّ بإسناد حسن، وهو في سيرة ابن إسحاق مرسلًا، ورجاله ثقاتٌ عن عروة بن الزبير، وله شاهد من حديث ابن عباس عند الطَّبريّ في تفسيره. فبمجموع هذه الطرق يكون صحيحًا، والمراد بالبعض هنا، شيخ البخاريّ الحُمَيديّ. وقد مر في أول حديث من بدء الوحي.
وأمير السرية هو عبد الله بن جَحْش بن رِياب، براء ثم تحتانية، ابن يَعْمُر بن صُبْرة بن مُرّة بن كثير بن غَنْم بن دَودَان بن أسد بن خُزَيْمة. أمه أُمَيْمة بنت عبد المطلب، وهو حليف لبني عبد شمس. وقيل لحرب بن أُمية، أسلم قبل دخول النبي -صلى الله عليه وسلم-، دار الأرقم، وكان هو وأخوه أبو أحمد