للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَبد بن جَحْش من المهاجرين الأولين ممن هاجر الهجرتين، وأخوهما عُبيد الله بن جَحْش تنصَّر بأرض الحبشة، ومات بها نصرانيًّا. وبانت منه امرأته أُم حبيبة بنت أبي سُفيان، فتزوجها النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وأختهم زينب بنت جحش، زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأم حبيبة وحَمْنَة بنتي جحش، وكان عبد الله يعرف بالمُجَدَّع في الله، لأنه مُثِّل به يوم أُحد. قُطع أنفه وأذنه. قتله أبو الحكم الأخنس بن شُرَيق الثقفيّ، وهو يومئذ ابن نيّفٍ وأربعين سنة. ودفن هو وحمزة، رضي الله عنهما، في قبر واحد. وولي النبي -صلى الله عليه وسلم-، تركته فاشترى لابنه مالا بخَيْبَر.

وسبب تجديعه، ما رُوي من طريق إسحاق بن سعد بن أبي وقَّاص عن أبيه، أن عبد الله بن جحش قال له يوم أُحد: ألا تأتي فندعوا الله، فَخَليا في ناجية، فدعى سعد، فقال: يا ربِّ إذا لقيتُ العدوّ غدًا فلَقِّني رجلًا شديدًا بأسُه، شديدًا حَردُه، أقاتله فيك، ويقاتلني، ثم ارزقني الظَّفر حتى أقتله، وآخذ سلبه، فأمَّن عبد الله بن جحش، ثم قال: اللهم ارزقني غدا رجلًا شديدًا بأسه شديدًا حرْدُه، أقاتله فيك، ويقاتلني حتى يقتلني، فيأخذني فيجدع أنفي وأذني، فإذا لقيتك، قلت: يا عبد الله فيم جُدع أنفك وأذنك؟ فأقول: فيك، وفي رسولك، فتقول: صدقت.

قال سعد: كانت دعوة عبد الله خيرًا من دعوتي، لقد رأيته آخر النهار، وإن أذنه وأنفه معلقان جميعًا في خيط. وعن الشعبيّ أنه قال: أول لواء عقده النبي -صلى الله عليه وسلم-، لعبد الله بن جَحْش، وقيل: لواء عُبيدة بن الحارث، وقيل: لواء حمزة، وهو أول من سن الخمس من الغنيمة للنبي -صلى الله عليه وسلم-، من قبل أن يفرض الله تعالى الخمس، ثم أنزل الله تعالى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: ٤١] الآية. وكان قيل قبل ذلك في الجاهلية المِرْباع.

وروي عن سعد بن أبي وقّاص أن النبي -صلى الله عليه وسلم-، خطبهم وقال: "لأبعثن عليكم رجلًا ليس بخيركم، ولكنه أصبركم للجوع والعطش"، فبعث

<<  <  ج: ص:  >  >>