للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: إن هذا هو التأويل الصحيح، وليس في الحديث ما يمنعه. قال: وأما قوله "فصنع الناس الخواتيم من الوَرِق فلبسوها" ثم قال: "فطرح خاتمه فطرحوا خواتيمهم"، فيحتمل أنهم لما علموا أنه -صلى الله عليه وسلم-، يريد أن يصطنع لنفسه خاتم فضة، اصطنعوا لأنفسهم خواتيم الفضة، وبقيت معهم خواتيم الذهب، كما بقي عنده خاتمه إلى أن استبدل خاتم الفضة، وطرح خاتم الذهب، فاستبدلوا وطرحوا.

وأيَّده الكَرَمانيّ بأنه ليس في الحديث أن الخاتم المطروح كان من وَرِق، بل هو مطلق، فيحمل على خاتم الذهب أوعلى ما نُقش عليه نقش خاتمه. قال: ومهما أمكن الجمع، لا يجوز توهيم الرّاوي. هذا محصل ما قيل من الأجوبة عن هذا الحديث وما فيها شيء ينشرح له الصدر.

وأما التختم بالذهب، فقد نُقِل الإجماع على إباحته للنساء، وحرمته للرجال، أما إباحته للنساء فلِما أخرجه أحمد وأصحاب السنن، وصححه ابن حِبان والحاكم عن عليّ، رضي الله تعالى عنه، أن النّبي -صلى الله عليه وسلم-، أخذ حريرًا وذهبًا، فقال: "هذان حرامان على ذكور أُمتي حلٌّ لإِناثهم" وأخرجه أبو داود والنَّسائي، وصححه التِّرمذيّ والحاكم من حديث أبي موسى، وأعله ابن حِبان بالانقطاعِ قائلًا: إن سعيد بن أبي هند لم يسمع من أبي موسى. وأخرج أحمد والطَّحاويّ وصححه من حديث مَسْلمة بن مَخْلد، أنه قال لعُقْبة بن عامر: "قمْ فحدثْ بما سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: "سمعته يقول: الذهب والحرير حرام على ذكور أمتي حلٌّ لإِناثهم". وأخرج ابن أبي شَيْبة من حديث عائشة أن النجاشي أهدى للنبي -صلى الله عليه وسلم-، حِلْية فيها خَاتم من ذهب، فأخذه، وإنه لمُعْرضٌ عنه، ثم دعا أُمامة بنت ابنته، فقال: "تحلَّي به".

وأخرج ابن سعد من طريق عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب، قال: سألت القاسم بن محمد، فقال: لقد رأيت، والله، عائشة تلبسُ المُعَصفر، وتلبس خواتيم الذهب، وأخرجه البخاري معلقًا. قال ابن أبي جمرة: إن

<<  <  ج: ص:  >  >>