ابن عُيَيْنة أن يحدثني بالمسند، فقال: قد عرفت أن ما تريد بما تطلب مني الذاكرة، فإن ضمنت لي أنك تذاكِر ولا تسميني، فعلت. قال: فضمنتُ له، واختلفتُ إليه، فجعل يحدثني هذا الذي أُذاكرك به حفظًا.
وعن علي بن المَدينيّ قال: صنفت المسند على الطرق مستقصىً وجعلته في قراطيس في قِمْطر كبير، ثم غبت عن البصرة ثلاث سنين، فرجعت وقد خالطته الأرض، فصار طينا، فلم أنشط بعدُ لجمعه. وقال أبو العباس السرّاج: سمعت صاعقة يقول: كان عليُّ بن المَدينيّ، إذا قدم بغداد تصدر الحَلْقة وجاء يحيى بن مَعين وأحمد بن حَنبل والمُعَيطيّ والناس ينتظرون، فإذا اختلفوا في شيء، تكلم فيه عليّ. وقال الأعين: رأيت عليّ بن المَدينيّ مستلقيًا، وأحمد عن يمينه، وابن مَعين عن يساره، وهو يملي عليهما.
وقال ابن المَدينيّ: تركت من حديثي مئة ألف، فيها ثلاثون ألفًا لعَبّاد ابن صُهَيب. وقال أبو العباس. سمعت البُخاريّ، وقيل له: ما تشتهي؟ قال: أشتهي أن اقدم العراقَ، وعليُّ بن عبد الله حي، فأُجالسه. وقال البخاري: ما استصغرت نفسي عند أحد، إلا عند عليّ بن المَدينيّ. وربما كنت أُغرب عليه، فلما ذكر هذا الكلام لابن المديني، قال: دع قوله، هو ما رأى مثل نفسه. وقال أبو داود: عليٌّ أعلم باختلاف الحديث من أحمد. وسئل الفرهيانيّ عن يحيى وعلي وأحمد وأبي خيثمة، فقال: أما عليّ فأعلمهم بالحديث والعلل، ويحيى أعلمهم بالرجال، وأحمد أعلمهم بالفقه، وأبو خَيْثَمة من النبلاء. ويروى عن ابن معين أنه سئل عن علي بن المَدينيّ والحميدي، أيهما أعلم. فقال: ينبغي للحميديّ أن يكتب عن آخر عن علي ابن المَدينيّ.
وقيل لصالح بن محمد: هل كان يحيى بن مَعين يحفظ؟ قال: كانت عنده معرفة. قيل له: فعليُّ بن المَدينيّ؟ قال: كان يحفظ، ويعرف. وقال أيضًا: أعْلم من أدركت بالحديث وعلله علي بن المدينيّ، وأفقههم فيه أحمد، وأمهرهم فيه الشاذكونيّ، وقال أبو عبيد القاسم بن سَلام: انتهى العلم إلى