للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أربعة: أبو بكر بن أبي شَيْبة، أسردُهم له، وأحمد أفقههم فيه، وعلي أعلّمُهم به، ويحيى بن مُعين، أكتبهم له، وقال ابن أبي خيثمة: سمعت ابن معين يقول: كان عليّ بن المَدينيّ إذا قدم علينا أظهر السُّنَّة، وإذا ذهب إلى البصرة، أظهر التشيع. وقال البخاريّ: كان أعلم أهل عصره، وقال ابن حِبان في الثقات: كان من أعلم أهل زمانه بعلل حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، رَحَل وجمع، وكتب، وصنف، وذاكر، وحفظ. وقال الخطيب: صنف علي ابن المَدِينيّ في الحديث مئتي مصنف، وفي الزهرة أخرج عنه البخاريّ ثلاث مئة حديث وثلاثة أحاديث.

وقال أبو داود: علي خير من عشرة آلاف مثل الشاذكونيّ. تكلم فيه أحمد، ومن تابعه لأجل إجابته في المحنة، وقد اعتذر عن ذلك وتاب وأناب. قال عباس العَنْبريّ: ذكر علي رجلًا فتكلم فيه، فقلت له: إنهم لا يقبلون منك، إنما يقبلون من أحمد بن حنبل، فقال: قوي أحمد على السوط، وأنا لم أقوَ عليه. وقال محمد بن عمار الموصليّ: قال لي علي بن المَدينيّ: ما يمنعك أن تُكَفِّر الجَهْمِيَّة؟ قال: وكنت أنا أولا امتنع من أن أُكفِّرهُم حتى قال ابن المديني، ما قال. فلما أجاب إلى المحنة كتبت إليه كتابًا أُذكره الله تعالى وأُذَكِّرُه ما قال لي في تكفيرهم، قال: فقيل لي: إنه بكى حين قرأ كتابي، ثم رأيته بعد فقلت له، فقال ما في قلبي شيء مما أجبت إليه، ولكني خفت أن أُقتل، قال: وتعلم ضعفي، إني لو ضربتُ سوطًا واحدًا لمت، أو قال شيئًا نحو هذا. قال ابن عمار: ما أجاب إلى ما أجاب ديانة، ما أجاب إلا خوفًا.

وقال أبو يوسف القلوسيّ: قلت لعلي بن المَدينيّ: مثلك في علمك تجيب كل ما أجبت إليه، فقال لي: يا أبا يوسف، ما أهون عليك السيف. وعن علي بن الحسين بن الوليد قال: لما ودعت علي بن المدينيّ قال لي: بلغ قومك عني أن الجَهْمِيَّةَ كفار، ولم أجد بدًا من متابعتهم لأني حُبست في بيت مظلم، وفي رجليّ قيد حتى خفت على بصري، فإن قالوا: يأخذ منهم، فقد سُبقت إلى ذلك، فقد أخذ من هو خير مني.

<<  <  ج: ص:  >  >>