قال ابن إسحاق: في المبتدأ كان موسى بن مِيشا، قبل موسى بن عمران نبيًا في بني إسرائيل. ويزعم أهل الكتاب أنه الذي صحب الخضر.
وقوله: فدعاه، أي: ناداه، وقال ابن التين: إن فيه حذفًا، والتقدير: فقام إليه فسأله، لأن المعروف عن ابن عباس التأدب مع من يأخذ عنه، وأخباره في ذلك شهيرة، والحق أنه ليس في دعائه أن يجلس عندهم لفصل الخصومة ما يخل بالأدب، وقد روي. فمرّ بهما أُبيّ بن كعب، فدعاه ابن عباس، فقال: يا أبا الطُّفيل هلُمَّ إلينا. وهذا صريح في المراد. وقوله:"إلى لُقيِّه" بلام مضمومة، فقاف مكسورة، فمثناة تحتية مشددة. وقوله:"بينما موسى" بينما: أصلها بين، وزيدت فيها الميم، والألف، وتلزم الإضافة إلى أجل، ومعناها بين أوقات كذا. وقد مر الكلام عليها في الرابع من بدء الوحي بأزيد من هذا.
وقوله:"في ملأ من بني إسرائيل" والملأ: الجماعة أو الأشراف خاصة، وبنو إسرائيل: هم أولاد يعقوب، عليه السلام، لأنه هو إسرائيل. ويأتي الكلام عليه في أحاديث الأنبياء. وكانوا اثني عشر ولدًا، وهم الأسباط، وجميع بني إسرائيل منهم. وقوله:"جاءه رجل" هو جواب بينما، وجوابها تقدم عند الحديث المذكور الكلام عليه. والرجل، قال في "الفتح": لم أقف على تسميته. وقوله:"هل تعلم أحدًا أعلم منك" بنصب أعلم، صفة لأحد. وقوله:"قال موسى لا" وفي رواية، فقال:"لا أعلم أحدًا أعلم مني" وفي التفسير: فسئل: أي الناس أعلم؟ فقال: أنا، فعتب الله عليه. وبين الروايتين فرق، لأن الأخيرة تقتضي الجزم بالأعلمية له، ورواية الباب تنفي الأعلمية عن غيره، عليه، فيبقى احتمال المساواة، وفي رواية عند مسلم، فقال:"ما أعلم في الأرض خيرًا وأعلم مني"، فأوحى الله إليه أني أعلم بالخير عند من هو، وإن في الأرض رجلًا هو أعلم منك.
وقوله:"فعتب الله عليه" أي: لم يرضَ قولَه شرعًا ودينًا، وآخذه به. وأصل العتب المؤاخذة، يقال: عَتَب عليه، إذا آخذه، وإنما عتب الله عليه