بصحبته ابن عباس، وملازمته إياه، وبأن غير واحد من العلماء قد رووا عنه وعَدَّلوه. وكل رجل ثبتت عدالته لم يقبل فيه تجريح أحد، حتى يبين ذلك عليه بأمر لا يحتمل غير جرحه.
وقال ابن مَنْده في صحيحه: أما حال عكرمة في نفسه، فقد روى عنه أئمة من نبلاء التابعين، فمن بعدهم، وحدثوا عنه، واحتجوا بمفاريده، في الصفات والأحكام. روى عنه زُهاء ثلاث مئة رجل من البلدان فيهم زيادة على سبعين رجلًا من خيار التابعين ورفعائهم. وهذه منزلة لا تكاد توجد لكثير أحد من التابعين، على أن من جرحه من الأئمة لم يمسك عن الرواية عنه، ولم يستغنوا عن حديثه، وكان يُتلقى حديثه بالقبول، ويحُتج به قرنًا بعد قرن، وإماما بعد إمام، إلى وقت الأئمة الأربعة، الذين أخرجوا الصحيح، وميزوا ثابته من سقيمه، وخطأه من صوابه، وأخرجوا روايته، وهم البخاريّ ومسلم وأبو داود والنّسائي، فأجمعوا على إخراج حديثه، واحتجوا به، على أن مسلمًا كان أسوأهم فيه رأيًا. وقد أخرج عنه مقرونًا، وعدَّله بعد أن جرَّحه، وقد تكلم فيه بعض العلماء.
وقال ابن حَجَر في مقدمته: فأما أقوال من وهّاه فمدارها على ثلاثة أشياء: على رميه بالكذب، وعلى الطعن فيه بأنه كان يرى رأي الخوارج في التكفير بالمعصية، وعلى القدح فيه بأنه كان يقبل جوائز الأمراء. فهذه الأوجه الثلاثة عليها يدور الطعن فيه، فأما البدعة، فإن ثبتت عليه فلا تضر حديثه؛ لأنه لم يكن داعية، مع أنها لم تثبت عليه، وإنما تكُلِّم فيه بها، لأنه وقد على نجْدة الحَرَويّ، فأقام عنده تسعة أشهر، ثم رجع إلى ابن عباس، فسلم عليه، فقال: جاء الخبيث. قال يحيى بن معين: ولهذا تركه مالك. ولم يثبت عليه من وجه قاطع أنه كان يرى رأيهم، ولكنه كان يوافق في بعض المسائل، فنسبوه إليهم.
وقد برأه أحمد والعَجْلِيّ من ذلك، فقال العجلي في كتاب "الثقات" له: عكرمة مولى ابن عباس مكيّ تابعيَّ ثقة، بريء مما يرميه الناس به من