عشر، وقيل: ثلاث عشرة، وقيل: خمس عشرة. وقوله:"بمنى" بالصرف وعدمه، باعتبار كونه علم المكان، أو البقعة، والأجود الصرف، وكتابته بالألف. وسميت بذلك لما يمنى، أي: يراق، بها من الدماء. وقوله:"إلى غير جدار" أي إلى غير سترة، قاله الشافعي وسياق الكلام يدل على ذلك لأن ابن عباس أورده في معرض الاستدلال على أن المرور بين يدي المصلي لا يقطع صلاته، ويؤيده رواية البزَّار بلفظ "والنبي صلى الله تعالى عليه وسلم، يصلي المكتوبة ليس بشيء يستره" والتحقيق أن هذا كان في حجة الوداع بمنى. وما وقع لمسلم عن ابن عُيينة من أنه كان بعرفة شاذ، لا يعول عليه. وقول النَّوويّ: إن ذلك يحمل على أنهما قضيتان، متعقبٌ بأن الأصل عدم التعدد، ولاسيما مع اتحاد مخرج الحديث.
وقوله:"بين يدي بعض الصف" هو مجاز عن الأمام، بفتح الهمزة، لأن الصف ليس له يد، وبعض الصف يحتمل أن يراد به صف من الصفوف، أو بعض من أحد الصفوف. ويعيِّن المراد رواية المصنف في الحج بلفظ "حتى سرت بين يدَي بعض الصف الأول". وقوله:"وارسلت الأتان ترتع" أي تأكل. "وترتع" مرفوع، والجملة في محل نصب على الحال من الاتان. وهي حال مُقدَّرة؛ لأنها لم تكن ترتع في تلك الحال، وإنما أرسلها قبلُ مقدرًا كونها على تلك الحال. وجوَّز ابن السَّيِّد فيه أن يريد "لترتع"، فلما حذف الناصب رفع، كقوله تعالى:{قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ}[الزمر: ٦٤] وقيل: ترتع تسرع في المشي، والأول أصوب، ويدل عليه رواية المؤلف في الحج "نزلت عنها فرتعت". وقوله:"ودخلت الصف" عند الكَشْمَيهنِي فدخلت، بالفاء وقوله:"فلم ينكِر ذلك عليَّ أحد" وفي رواية فلم ينكر ذلك علي "بفتح الكاف"، أي: فلم ينكره عليَّ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، ولا غيره.
وفيه جواز تقديم المصلحة الراجحة على المفسدة الخفيفة؛ لأن المرور مفسدة خفيفة، والدخول في الصلاة مصلحة راجحة واستدل ابن