عباس على الجواز بعدم الإنكار لانتفاء الموانع إذ ذاك، ولم يستدل بترك إعادتهم للصلاة لأن ترك الإنكار أكثر فائدة، وذلك أن ترك الإعادة يدل على صحتها فقط، لا على جواز المرور، وترك الإنكار يدل على جواز المرور، وصحة الصلاة معًا، ويستفاد منه أن ترك الإنكار حجة على الجواز، بشرطه وهو انتفاء الموانع من الإنكار، وثبوت العلم بالاطلاع على الفعل. ولا يقال: منع من الإنكار اشتغالهم بالصلاة؛ لأنه نفى الإنكار مطلقًا، فتناول ما بعد الصلاة، وأيضا، كان الإنكار يمكن بالإشارة، كما لا يقال: لا يلزم مما ذكر اطلاع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، على ذلك، لاحتمال ان يكون الصف حائلًا دون رؤية النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، له لأنا نقول: قد ثبت أنه عليه الصلاة والسلام كان يرى في الصلاة من ورائه، كما يرى من أمامه، وقد مر قريبًا أنه مر بين يدي بعض الصَّف الأول، فلم يكن هناك حائل دون الرؤية، ولو لم يرد شيء من ذلك، لكان توفر دواعيهم على سؤاله صلى الله تعالى عليه وسلم، عما يحدث لهم كافيًا في الدلالة على اطلاعه على ذلك.
واستدل المصنف به على ما ترجم له من أن التحمل لا يشترط فيه كمال الاهلية، وإنما يشترط عند الأداء، ويلحق بالصبي في ذلك العبد والفاسق والكافر، كما يأتي تحريره. وقامت حكاية ابن عباس لفعل النبي، صلى الله تعالى عليه وسلم، وتقريره مقام حكاية قوله، إذ لا فرق بين الأمور الثلاثة في شرائط الأداء. والمراد بالصغير, في الترجمة، غير البالغ، وذكر الصبي معه من باب التوضيح، ويحتمل أن يكون لفظ الصبي يتعلق بقصة محمود، ولفظ الصغير يتعلق بهما معًا.
واستدل به على أن مرور الحمار لا يقطع الصلاة، فيكون ناسخًا لحديث أبي ذَرٍ الذي عند مسلم في كون مرور الحمار يقطع الصلاة، وكذا مرور المرأة والكلب الأسود وتعقب بأن مرور الحمار متحقق في حال مرور ابن عباس وهو راكبه، وذلك لا يضر لكون سترة الإمام سترة لمن خلفه،