وهو ابن أربع. وقال ابن عبد البر: إن محمودًا عقل ذلك، وهو ابن أربع. وقيل: الصواب في صحة سماعه فهُم الخطاب وردُّ الجواب، وإن كان ابن أقل من أربع. فإن لم يكن كذلك، لم يصح سماعه. وإن زاد على الخمس وليس في صحة سماعه سنة متبعة، إذ لا يلزم من تمييز محمود أن يميز غيره تمييزه، بل قد ينقص عنه، أو يزيد. ولا يلزم أن لا يعقل مثل ذلك، وسنه أقل من ذلك، كما أنه لا يلزم من عقل المجة أن يعقل غيرها مما سمعه.
ومما يدل على اعتبار الفهم والتمييز دون التقييد بسنٍ، أن أحمد بن حنبل قيل له: إن يحيى بن مُعين، قال: إن التحمل لا يجوز إلا في خمسة عشر، لا فيما دونها، محتجًا بأن النبي صلى الله عليه وسلم رد ابن عمر والبراء بن عازب، رضي الله عنهما، يوم بدر، لصغرهما عن هذا السن -فَغَلَّطه، وقال: إنما التقييد بذلك في القتال، وإلا فكيف يعمل بوكيع وابن عُيَيْنة وغيرهما، ممن سمع قبل هذا السن؟.
وقال موسى بن هارون الجمّال: من ميّز بين البقرة والحمار يقال فيه: سمع، ومن لم يميز بينهما يقال له: حضر، لا سمع. قال الخطيب: سمعت القاضي أبا محمد عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الأَصْبَهانيّ يقول: حفظت القرآن ولي خمس سنين، وأحضرت عند أبي بكر المُقْرىء لأسمع منه، ولي أربع سنين، فأرادو أن يُسَمعوا لي فيما حضرت قراءته، فقال بعضهم: إنه يصغر عن السماع، فقال ابن المقرىء: اقرأ سورة "الكافرون"، فقرأتها، فقال: إقرأ سورة التكوير، فقرأتها، فقال غيره: إقرأ سورة المرسلات، فقرأتها, ولم أغلط فيها شيئًا، فقال ابن المقرىء: سمَّعوا له والعُهْدَة علي.
وفي الوقت المستحب لابتداء الطلب أربعة أقوال: فالذي عليه أهل الكوفة أنه يستحب له طلب الحديث بنفسه، وكتابته عند عشرين سنة، وهو قول الإمام أبي عبد الله الزبير بن أحمد، وقول أهل البصرة عشر سنين،