تعالى عليه وسلم، يقول:"يحشر الله الناس يوم القيامة عُراة غُرْلًا بُهْما". قلنا: وما بُهْما؟ قال: ليس معهم شيء، ثم يناديهم بصوت يسمعه من بَعُد كما يسمعه من قرب: أنا الدَّيان، لا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار، وله عند أحد من أهل الجنة حق حتى أقصه منه، ولا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة، ولأحد من أهل النار عنده حق، حتى أقصه منه، حتى اللطمة". قال: قلنا: كيف وإنا إنما نأتي عراة بُهْما؟ قال: الحسنات والسيئات والغُرْل. بضم المعجمة، وسكون الراء، جمع أَغْرل، وهو الذي لم يختن.
وله طريق أخرى أخرجها الطَّبرانيّ في مسند الشاميين وتمام في فوائده، وما قيل من أن المؤلف نقض قاعدته، حيث عبر هنا بقوله "رحل" بصيغة الجزم المقتضية للتصحيح. وفي كتاب التوحيد بقوله: "ويذكر" بصيغة التمريض، يجاب عنه بأنها غير منتقضة، ونظر البخاري أدق من أن يُعترض عليه بمثل هذا، فإنه حيث ذكر الارتحال فقط، جزم به؛ لأن الإسناد حسن. وقد اعتضد. وحيث ذكر طرفًا من المتن لم يجزم به؛ لأن لفظ الصوت مما يتوقف في إطلاق نسبته إلى الرب، ويحتاج إلى تأويل، فلا يكفي فيه مجيء الحديث من طريق مختلف فيها, ولو اعتضدت. ومن هنا يظهر شُفُوف علمه، ودقة نظره، وحسن تصرفه، رحمه الله تعالى.
ووهم ابن بَطَّال حيث زعم أن الحديث الذي رحل فيه جابر إلى عبد الله بن أُنيس هو حديث الستر على المسلم المروي بلفظ "من ستر مؤمنا في الدنيا ستره الله يوم القيامة" فإن الراحل في حديث الستر أبو أيوب الأنصاري، رحل فيه إلى عُقْبة بن عامر الجُهَني. أخرجه أحمد بسند منقطع، وأخرجه الطَّبرانيّ من حديث مَسْلَمة بن خالد.
وقد وقع ذلك لغير من ذكر فروى أبو داود عن عبد الله بن بُرَيْدة أن رجلًا من الصحابة، رحل إلى فَضاله بن عَبيد، وهو بمصر في حديث. وروى الخطيب عن عُبَيد الله بن عَدِيّ قال: بلغني حديث عن علي، رضي الله