للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى عنه، فخفت إن مات أن لا أجده عند غيره، فرحلت حتى قدمت عليه العراق. وهذا النوع كثير، وسيأتي قول الشعبى في مسألة إن كان ليرحل فيما دونها إلى المدينة. وروى مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد ابن المُسَيَّب قال: إن كنت لأرحل الأيام والليالي في طلب الحديث الواحد.

وفي حديث جابر دليل على طلب علوّ الإسناد؛ لأنّه بلغه الحديث عن عبد الله بن أُنيس، فلم يقنع حتى رحل وأخذه عنه بلا واسطة، وسيأتي عن ابن مسعود في كتاب "فضائل القرآن" قوله: لو أعلم أحدًا أعلم بكتاب الله مني، لرحلت إليه.

وأخرج الخطيب عن أبي العالية قال: كنا نسمع عن أصحاب رسول الله، صلى الله تعالى عليه وسلم، فلا نرصى حتى خرجنا إليهم، فسمعنا منهم، وقد مر تحرير الكلام في علو السند، ونزوله في حديث ضمام. وقيل لأحمد: رجل يطلب العلم يلزم رجلًا عنده علم كثير أو يرحل؟ قال: يرحل؟ يكتب عن علماء الأمصار، فيُشَام الناس، ويتعلم منهم، وفيه ما كان عليه الصحابة من الحرص على تحصيل السنة النبوية، وفيه جواز اعتناق القادم حيث لا تحصل الريبة.

رجاله اثنان: الأول جابر بن عبد الله، وقد مر في الرابع من بدء الوحيِ. والثاني: عبد الله بن أُنيس بن أسعد بن حرام بن حبيب بن مالك ابن غنْم بن كعب بن تيْم بن نُفَاتة بن إياس بن يربوع بن البّرك بن وَبْرةَ أخي كلب بن وَبْرة من قْضاعة. والبَرْكُ بن وَبْرة دخل في جُهينة فهو جُهَني أنصاري، حليف لبني سَلَمة، وقيل: إنه من جُهينة أصالةً، حليف للأنصار. وقيل: هو من الأنصار، كنيته أبو يحيي، شهد العقَبة وما بعدها، وبعثه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، سريَّةً وحده إلى خالد بن نبيح فقتله. وهو ممن صَلّى إلى القبلتين، وهو الذي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن ليلة القدر، فقال له: يا رسول الله، إني شاسع الدار،

<<  <  ج: ص:  >  >>