الرفع، وقد تبين في حديث الباب أنّ رفعه من علامات الساعة.
ثم قال:
وقال زبيعة: لا ينبغي لأحد عنده شيء من العلم أن يضيع نفسه، ومراد ربيعة هو أن من كان فيه فهم وقابلية للعلم، لا ينبغي له أن يمهل نفسه فيترك الاشتغال، لئلا يؤدي ذلك إلى رفع العلم، أو مراده الحث على نشر العلم في أهله، لئلا يموت العالم قبل ذلك، فيؤدي إلى رفع العلم، أو مراده أن يشهر العالم نفسه ويتصدى للأخذ عنه، لئلا يضيع علمه، وقيل: مراده تعظيم العلم، وتوقيره، فلا يهين نفسه، بأن يجعله عرضًا للدنيا، كما قال القائل:
ولو أن أهل العلم صانوه صانهم ... ولو عظموه في النفوس لعظِّما
ولكنْ أهانوه فهانَ ودنّسوا ... مُحَيَّاه بالأطماع حتى تثلّما
قال فى "الفتح": وهذا معنى حسن، لكن اللائق بتبويب المصنف ما تقدم.
قلت: هذا المعنى هو الموافق للفظ صريحًا، وغير مناف للترجمة، لأن إضاعة أهل العلم لأنفسهم تؤدي إلى الازدراء بهم، وعدم المبالاة بالأخذ منهم، فيضيع العلم وهذا التعليق وصله الخطيبُ في "الجامع" والبَيْهقيَّ في "المدخل" من طريق عبد العزيز الأُوَيْسِيّ عن مالك عن ربيعة.
وربيعة هو ابن أبي عبد الرحمن فرُّوخ التَّيْمِيّ، مولاهم، أبو عثمان المَدِنيّ، المعروف بربيعة الرأي، قيل له ذلك لكثرة اشتغاله بالرأي والاجتهاد. قال أحمد: ثقة، وأبو الزناد أعلم منه. وقال العَجْلِيّ وأبو حاتم والنَّسائي: ثقة، وقال يعقوب بن شَيْبةْ ثقة ثبت أحد مُفتِي المدينة. وقال مُصْعَب الزُّبْيري: أدرك بعض الصحابة والأكابر من التابعين، وكان صاحب الفتوى بالمدينة، وكان يجلس إليه وجوه الناس بالمدينة المنورة. وكان يحصى في مجلسه أربعون مُعْتَمًّا وعنه أخذ مالك. وقال يحيى بن سعيد: