ما رأيت أحدًا أفطن منه. وقال عُبيَد الله بن عمر: هو صاحب معضلاتنا، وأعلمنا، وافضلنا.
وقال سَوَّار العَنْبرَيّ: ما رأيت أحدًا أعلم منه، قيل له: ولا الحسن وابن سيرين؟ قال: ولا الحسن وابن سيرين. وقال عبد العزيز بن أبي سَلَمة: تقولون: ربيعة الرأي، هو الله ما رأيت أحدًا أحفظ لسنة منه. وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث، وكانوا يتوقونه لموضع الرأي. وقال الإمام مالك: ذهبت حلاوة الفقه منذ مات ربيعة الرأي، وما كان بالمدينة رجل أسخى بما في يده لصديق أو غيره منه، انفق على إخوانه أربعين ألف درهم. ثم جعل يسأل إخوانه، فقيل له: أذْهَبْتَ مالك وأنت تخلق وجهك، فقال: لا يزال هذا دأبي، ما وجدت أحدًا يغبطني على جاهي.
قال بكر بن عبد الله الصنْعانِيّ: أتينا مالكًا فجعل يحدثنا عن ربيعة الرأي، وكنا نستزيده من حديث ربيعة، فقال لنا ذات يوم: ما تصنعون بربيعة وهو نائم في ذلك الطاق؟ فأتينا ربيعة فأنبهناه وقلنا له: أنت ربيعة؟ قال: نعم. قلنا: أنت الذي يحدثنا عنك مالك بن أنس؟ قال: نعم. قلنا: كيف حُظي بك مالك وأنت لم تحظ بنفسك؟ قال: أما علمتم أن مثقالًا من دولة خير من حمل من علم؟ وكان ربيعة يكثر الكلام ويقول: الساكت بين النائم والأخرس. وكان يتكلم في مجلسه، فوقف عليه أعرابيٌّ دخل من البادية، فأطال الوقوف، والانصات إلى كلامه، فظن ربيعة أنه قد أعجبه كلامه، فقال: يا أعرابي: ما البلاغة عندكم؟ فقال: الإيجاز مع إصابة المعنى. فقال: وما العَيُّ؟ فقال: ما أنت فيه منذ اليوم، فخجل ربيعةُ.
وكان أبو ربيعة فَرُّوخ خرج في البعوث إلى خراسان أيام بني أمية، وربيعة حمل في بطن أمه، وخلّف عند أم ربيعة زوجته ثلاثين ألف دينار، فقدم المدينة بعد سبع وعشرين سنة، وهو راكب فرسًا، وفي يده رمح، فنزل ودفع الباب برمحه، فخرج ربيعة وقال: ياعدو الله، أتهجم على منزلي؟ فقال فرَّوخ: يا عدو الله، أنت دخلتَ على حُرَمِي، فتواثبا حتى