يتوجه فيصادف أنه تارة يدركه، وتارة لا يدركه، فلذلك قال:"لا أكاد أدرك مما يطوّل بنا" أي: بسبب تطويله بنا، فالتطويل سبب التأخر الذي هو سببٌ لذلك الشيء. ولا داعي إلى حمل الروايات الثابتة في الأمهات الصحيحة على التصحيف.
وقوله:"أشد غضبًا" بالنصب على التمييز، وقوله:"من يومئذ" في رواية ابن عَسَاكِر "منه من يومئذ" ولفظة: "منه" صلة أشد والمفضل عليه والمفضل، وإن كانا واحدًا، وهو الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأن الضمير راجع إليه، لكن باعتبارين فهو مفضل باعتبار يومئذٍ مفضل عليه، باعتبار سائر الأيام، نحو قولهم: هذا بسر أطيب منه رطبًا، وسبب شدة غضبه عليه الصلاة والسلام، إما لمخالفة الموعظة، لاحتمال تقدَّم الأعلام، ويأتي قريبًا ما يرجحه، أو للتقصير في تعلُّم ما ينبغي تعلمه، أو لإرادة الاهتمام بما يلقيه على أصحابه، ليكونوا من سماعه على بال، لئلا يعود من مثل ذلك إلى مثله وقوله:"فقال: أيها الناس إنكم مُنَفَّرون"، أي: عن الجماعات.
وفي رواية أبي الوقت: إن منكم منفرين، ولم يخاطب المُطَول على التعيين، بل عمم خوف الخجل عليه، لطفًا به وشفقة على جميل عادته الكريمة، صلوات الله وسلامه عليه. وقوله:"منفرين" يحتمل أن يكون تفسيرًا للمراد بالفتنة في قوله في حديث معاذ "أفَتَّانٌ أنت" ويحتمل أن قصة أُبيّ هذه بعد قصة معاذ، فلهذا أتى بصيغة الجمع، وفي قصة معاذ واجهه وحده بالخطاب، وكذا ذكر في هذا الغضب، ولم يذكره في قصة معاذ، وبهذا يتوجه الاحتمال الأول. وقوله:"فمن صلَّى بالناس فليخفف" أي إمامًا لهم، والتطويل والتخفيف من الأمور الإضافية، فقد يكون الشيء خفيفًا بالنسبة إلى عادة قوم، طويلًا بالنسبة لعادة آخرين.
وقول الفقهاء: لا يزيد الإمام في الركوع والسجود على ثلاث تسبيحات، لا يخالف ما ورد عن النبي، صلى الله تعالى عليه وسلم، أنه