للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن جاء صابحها فأدها إليه" وأصرح من ذلك رواية أبي داود بلفظ "فإن جاء باغيها فأدها إليه، وإلا فاعرف عفاصها ووكاءها ثم كلها، فإن جاء باغيها، فأدها إليه" فأمر بأدائها إليه قبل الإذن في أكلها وبعده. وهي أقوى حجة للجمهور.

قال النووي: إن جاء صاحبها قبل أن يتملكها الملتقط أخذها بزوائدها المتصلة والمنفصلة، وأما بعد التملك فإن لم يجىء صاحبها، فهي لمن وجدها, ولا مطالبة عليه في الآخرة، وإن جاء صاحبها، فإن كانت موجودة بعينها، استحقها بزوائدها المتصلة، ومهما تلف منها لزم الملتقط غرامته للمالك. وهو قول الجمهور وقال بعض السلف: لا يلزمه، وهو اختيار البخاري كما مر.

وقوله: "فضالة الإبل" أي: ما حكمها؟ أكذلك أم لا؟ وهو من باب إضافة الصفة إلى الموصوف، والضال الضائع. قال العلماء: الضالة لا تقع إلا على الحيوان، وما سواه يقال له: لُقَطَة. ويقال للضوال أيضًا: الهَوامي والهَوافي بالميم والفاء، والهوامِل. وقوله "فغضب" يعني النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، وقوله: "حتى احمرت وجنتاه" تثنية وجِنَة، بتثليث الواو، أُجنة بهمزة مضمومة، وهي ما ارتفع من الخد. وقوله:" أو قال: احمر وجهه" وإنما غضب استقصارًا لعلم السائل، وسوء فهمه إذ انه لم يراع المعنى المذكور، ولم يتفطن له، فقاس الشيء على غير نظيره، لأن اللقطة إنما هي الشيء الذي سقط من صاحبه، ولا يدري أين موضعه، وليس كذلك الإبل، فإنها مخالفة للقطة إسمًا وصفة.

وقوله: "ومالك ولها" أي: ما تصنع بها، أي: لم تأخذها ولم تتناولها؟ وفي رواية الحمَوي والمُسْتَملي "فمالك" وفي رواية الأصيلي "مالك" بغير واو ولا فاء. وقوله: "معها سقاؤها" بكسر السين، مبتدأ وخبر مقدم، أي: أجوافها، فإنها تشرب فتكتفي به أياما. وقيل: عنقها، وأشار بذلك إلى استغنائها عن الحفظ لها، بما ركب في طباعها من الجلادة على العطش، وتناول المأكول بغير تعب، لطول عنقها فلا تحتاج إلى ملتقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>