للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجل، عنه كبيرة؛ لأنه مخالف لظاهر القرآن في الفرق بين الصغائر والكبائر في قوله تعالى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ} [النجم: ٣٢] وقوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء: ٣١] فجعل في المنهيات صغائر الكبائر، وفرَّق بينهما في الحكم، إذ جعل تكفير السيئات في الآية مشروطًا باجتناب الكبائر، واستثنى اللمم من الكبائر والفواحش، فكيف يخفى ذلك على حَبْر القرآن؟ كذا قال، لكن النقل المذكور عنه قد مر لك من أخرجه فالأَوْلى أن يكون المراد بقوله "نهى الله عنه" محمولا على نهي خاص، وهو الذي قرن به وعيد، كما قيد في الرواية الأخرى الآتية، عن ابن عباس فيحمل مطلقَهُ على مقيده جمعًا بين كلاميه.

وقال الحَلِيميّ في "المنهاج": ما من ذنب إلا وفيه صغيرة وكبيرة، وقد تنقلب الصغيرة كبيرة بقرينة تضم إليها، وتنقلب الكبيرة فاحشة كذلك، إلا الكفر بالله فإنه أفحش الكبائر، وليس من نوعه صغيرة، ومع ذلك فهو ينقسم إلى فاحش، وافحش. ثم ذكر الحليمي أمثلة لما ذكر، فقال: الثاني كقتل النفس بغير حق، فإنه كبيرة، فإن قتل أصلًا أو فرعًا أو ذا رحم أو بالحرم أو بالشهر الحرام، فهو فاحشة والزنا كبيرة فإن كان بحليلة الجار، أو بذات محرم، أو في شهر رمضان أو في الحرم فهو فاحشة. وشرب الخمر كبيرة فإن كان في شهر رمضان نهارًا فهو فاحشة. والأول كالمفاخذة مع الأجنبية صغيرة، فإن كان مع امرأة الأب أو خليلة الابن أو ذات رحم فكبيرة، وسرقة دون النصاب صغيرة، فإن كان المسروق منه لا يملك غيره، وافضى به عدمه إلى الضعف فهو كبيرة، وأطال في أمثلة ذلك، وهو منهج حسن لا بأس باعتباره، ومداره على شدة المفسدة وخفتها.

وقال الطَّيبيّ: الصغيرة والكبيرة أمران نسبيان، فلابد من أمر يضافان إليه، فهو أحد ثلاثة أشياء: الطاعة أو المعصية أو الثواب. فأما الطاعة، فكل ما تكفره الصلاة مثلًا فهو من الصغائر، وكل ما يكفره الإِسلام أو

<<  <  ج: ص:  >  >>