للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليهودية، ولم تبلغهم دعوة عيسى عليه السلام، لكونه أُرسل إلى بني إسرائيل خاصة نعم، الإشكال في اليهود الذين كانوا بحضرة النبي، صلى الله تعالى عليه وسلم، وقد ثبت أن الآية الموافقة لهذا الحديث، وهي قوله تعالى: {أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ} [القصص: ٥٤] نزلت في طائفة آمنت منهم، كعبد الله بن سَلاَم وغيره، ففي الطبراني عن رفاعة القُرَظِيّ قال: نزلت هذه الآيات فيَّ وفيمن آمن معي وروي الطَّبَري بإسناد صحيح، عن عليّ بن رِفاعة القُرَظيّ "خرج عشرة من أهل الكتاب منهم أبو رفاعة إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، قآمنوا به، فأُوذوا فنزلت {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ ...} [القصص: ٥٢] الآيات.

وأما قول ابن التين: إن الآية المذكورة نزلت في عبد الله بن سَلَام وكعب الأحبار، فذِكره لكعب خطأ، لأن كعبًا ليست له صُحبة، ولم يُسلم إلا في عهد عمر بن الخطاب والذي في تفسير الطبري وغيره أنها نزلت في عبد الله بن سَلام وسلمان الفارسي، وهذا مستقيم لأن عبد الله كان يهوديًا فأسلم، كما سيأتي في الهجرة، وسلمان كان نصرانيًا، كما سيأتي في البيوع.

وهما صحابيان مشهوران، فعبد الله بن سلام ومن ذكر معه في حديث عليّ بن رِفاعة من بني إسرائيل، ولم يؤمنوا بعيسى بل استمروا على اليهودية إلى أن آمنوا بمحمد، صلى الله تعالى عليه وسلم، وقد ثبت أنهم يؤتون أَجرهم مرتين، فيحتمل أن يقال في حق هؤلاء الذين كانوا بالمدينة: أنه لم تبلغهم دعوة عيسى عليه السلام؛ لأنها لم تنتشر في أثر البلاد، فاستمروا على يهوديتهم مؤمنين بنبيهم موسى عليه السلام، إلى أن جاء الإِسلام، قآمنوا بمحمد، صلى الله تعالى عليه وسلم، وبهذا يرتفع الإشكال.

ويحتمل إجراء الحديث على عمومه، إذ لا يبعد أن يكون طرَيان الإيمان بمحمد عليه الصلاة والسلام سببًا لقبول تلك الأديان، وإن كانت

<<  <  ج: ص:  >  >>