وقال ابن المنير. محو العلم من الصدور جائز في القدرة، إلاَّ أنّ هذا الحديث دل على عدم وقوعه. وأخرج الطبراني في "الأوسط" بسند ضعيف عن أبي سعيد بلفظ "يقبض اللهُ العلماء، ويقبض العلم معهم، فتنشأ أحداث، ينزو بعضهم على بعض نزو العير على العير، ويكون الشيخ فيهم مستضعفًا". وأخرج الدارمي عن أبي الدرداء قوله:"رفع العلم ذهاب العلماء" وعن حُذيفة "قبض العلم قبض العلماء" وعند أحمد عن ابن مسعود "هل تدرون ما ذهاب العلم؟ ذهابُ العلماء".
واستفيد من حديث أبي أمامة السابق أن بقاء الكتب بعد رفع العلم بموت العلماء، لا يغني عمن ليس بعالم شيئًا. وقوله:"ولكن يُقبْض العلم بقبض العلماء" أي بقبض أرواحهم، وإنما عبر بالمظهر في قوله "يقبض العلم" موضع المضمر، لزيادة تعظيم المظهر، كما في قوله تعالى {الله الصمد}[الصمد: ٢] بعد قوله {الله أحد}[الصمد: ١]. وقوله:"حتى إذا لم يبق" بضم المثناة التحتية، وكسر القاف من الإبقاء، وفيه ضمير يرجع إلى الله تعالى، أي حتى إذا لم يبق الله. وقوله:"عالمًا" بالنصب على المفعولية، وفي رواية غير الأصيليّ "يَبْقَ" بفتح حرف المضارعة، من البقاء الثلاثي. و"عالم" بالرفع على الفاعلية، ولمسلم حتى إذا لم يترك عالمًا وقوله:"اتخذ الناس رُؤساء" أي بضم الراء والهمزة، والتنوين، جمع رأس. ولأبي ذرٍ "رؤساء" بهمزة مفتوحة، وفي آخره همزة أخرى مفتوحة، جمع رئيس. وقوله:"جُهّالًا" بالضم والتشديد والنصب، صفة لسابقه، وقوله "فسُئلوا" بضم السين أي: سألهم الناس.
وقوله:"فضلوا" من الضلال، أي في أنفسهم وقوله:"وأضَلَّوا" من الاضلال أي أضلوا السائلين، فإن قيل الواقع بعد حتى هنا جملة شرطية فكيف وقعت غاية؟ أجيب بأن التقدير "ولكن يقبض العلم بموت العلماء إلى أن يتخذ الناس رؤساء جهالًا وقت انقراض أهل العلم" فالغاية في الحقيقة هي ما ينسبك من الجواب مرتبًا على فعل الشرط.