للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويؤيد ذلك أنهم لم يسألوا عن الأربعة، ولا ما فوقها, لأنها كالمعلوم عندهم, لأن المصيبة إذا كثرت كان الأجر أعظم. وقال القرطبي أيضًا: يحتمل أن يفترق في ذلك بافتراق حال المصاب، من زيادة رقة القلب، وشدة الحب، ونحو ذلك. قال في الفتح جوابًا عما قال: لم يقع التقييد في طرق الحديث بشدة الحب ولا عدمه، وكان القياس يقتضي ذلك لما يوجد من كراهة بعض الناس لولده، وتبرمه منه، ولاسيما من كان ضيق الحال، لكن لما كان الولد مظَنَّة المحبة والشفقة نِيْط به الحكم، وإن اختلفت في بعض الأفراد.

وقد قال ابن بطَّال: إنَّ إخباره، عليه الصلاة والسلام، بالاثنين محمول على أنه أُوحي إليه بذلك في الحال، ولا بَعُد أن ينزل عليه الوحي في أسرع من طرفة عين. ويحتمل أن يكون كان العلم عنده بذلك حاصلًا، لكن أشفق عليهم أن يتكلموا, لأن موت الاثنين غالبا أكثر من موت الثلاثة، كما وقع في حديث معاذ وغيره في الشهادة بالتوحيد، ثم لما سُئل عن ذلك، لم يكن بد من الجواب.

وقد وردت أحاديث في إلحاق الواحد بالاثنين، منها ما أخرجه الطَّبراني في الأوسط عن جابر بن سُمْرة مرفوعًا "من دفن ثلاثة، فصبر عليهم، واحتسب، وجبت له الجنة" فقالت أم أيمن: أو اثنين؟ فقال: "أو اثنين"، فقالت: وواحد؟ فسكت، ثم قال: "وواحد".

وأخرج التِّرمذي عن ابن مسعود مرفوعًا، وقال: غريب، "من قَدَّم ثلاثة من الولد، لم يبلغوا الحنث، كانوا له حصنًا حصينًا من النار" قال أبو ذَرٍّ: قدمت اثنين، قال: "واثنين" قال: أُبَيّ بن كعب: قدمت واحدًا قال: و"واحدًا".

وأخرج التِّرمْذِي أيضًا عن ابن عباس رفعه، "من كان له فَرْطان من أمتي أدخله الله الجنة" فقالت عائشة: فمن كان له فرْط؟ قال: "ومن كان له فرط" الحديث، وليس في شيء من هذه الطرق ما يصلح للاحتجاج،

<<  <  ج: ص:  >  >>