الإسناد، وهذا لا بعد في تعدده, لأن خطاب النساء بذلك لا يستلزم علم الرجال.
وقوله:"واثنين فقال واثنين" ولكريمة "واثنتين" بزيادة تاء التأنيث، وهو منصوب بالعطف على ثلاثة، ويسمى العطف التلقيني وروايته في الجنائز: قالت امرأة: واثنان؟ قال: واثنان. أي: وإذا مات اثنان ما الحكم؟ فقال: واثنان، أي: وإذا مات اثنان، فالحكم كذلك، وكأنها فهمت الحصر، وطمعت في الفضل، فسألت عن حكم الاثنين: هل يلتحق بالثلاثة أم لا.
وقال ابن بّطال تبعًا لعياض: هذا يدل على أن مفهوم العدد ليس بحجة لأن الصحابية من أهل اللسان، ولم تعتبره، إذ لو اعتبرته لانتفى الحكم عندها عما عدا الثلاثة، لكنها جوزت ذلك، فسألته كذا، قال: والظاهر أنها اعتبرت مفهوم العدد، إذ لو لم تعتبره لم تسأل، والتحقيق أن دلالة مفهوم العدد ليست يقينية، وإنما هي محتملة، ومن ثَمَّ وقع السؤال عن ذلك.
قال القرطبي: إنما خُصَّت الثلاثة بالذكر لأنها أول مراتب الكثرة، فبعظم المصيبة يعظم الأجر، فأما إذا زاد عليها، فقد يخف أمر المصيبة، لأنها تصير كالعادة، كما قيل:
رُوّعتُ بالبين حتى لا أُراع له
وهذا مصير منه إلى انحصار الأجر المذكور في الثلاثة ثم في الإثنين، بخلاف الأربعة والخمسة، وهو جمود منه شديد، فإنّ من مات له أربعة فقد مات له ثلاثة ضرورة, لأنهم إن ماتوا دفعة واحدةً، فقد مات له ثلاثة وزيادة، ولا خفاء بأن المصيبة بذلك أشد، وإن ماتوا واحدًا بعد واحدٍ، فأن الأجر يحصل له عند موت الثالث بمقتضى وعد الصادق، فيلزم على قول القرطبي أنّه إن مات له الرابع، أن يرتفع عنه ذلك الأجر، مع تجدد المصيبة، وكفى بهذا فسادًا، والحق أن تناول الخبر الأربعة فما فوقها من باب أولى وأحرى.