وجاء في كيفية العرض ما أخرجه التِّرْمِذيُّ عن الحسن عن أبي هريرة, رفعه، "تعرض الناس يوم القيامة ثلاث عَرْضات: فأما عرضتان فجدالٌ ومعاذير، وعند ذلك تطير الصحف في الأيدي، فآخذٌ بيمينه، وآخذٌ بشماله". قال التِّرمِذي: لا يصح, لأن الحسن لم يسمع من أبي هريرة. ورواه بعضهم عن الحسن عن أبي موسى، وهو عند ابن ماجة وأحمد من هذا الوجه مرفوعًا، وأخرجه البيهْقيّ في البعث. بسند حسن عن عبد الله بن مسعود موقوفًا.
قال الترمذي الحكيم: الجدال للكفار يجادلون, لأنهم لا يعرفون ربّهم، فيظنون أنهم إذا جادلوا نجوا، والمعاذير أعتذار الله لآدم وأنبيائه بإقامة الحجة على أعدائه، والثالثة للمؤمنين وهو العرض الأكبر. وقوله:"ولكن من نوقش الحساب" بالقاف والمعجمة، من المناقشة، وأصلها الاستخراج، ومنه نقش الشوكة، إذا أخرجها، والمراد بالمناقشة الاستقصاء في المحاسبة، والمطالبة بالجليل والحقير، وترك المسامحة، يقال: استنقشت منه حقي، أي: استقصيته. وقوله:"يهلِكْ" بكسر اللام، وإسكان الكاف, لأنه جواب الشرط، ويجوز الرفعُ, لأن الشرط إذا كان ماضيًا يجوز في الجواب الوجهان، كما قال ابن مالك:
وبعد ماضٍ رفعكُ الجزا حَسَن
وفي رواية عند المؤلف "عذَّب" قال عياض: قوله "عذب" له معنيان: أحدهما أن نفس مناقشة الحساب وعرض الذنوب والتوقيف على قبيح ما سلف والتوبيخ تعذيب، والثاني أنه يفضي إلى استحقاق العذاب، إذ لا حسنة للعبد إلا من عند الله، لإقداره عليها، وتفضله عليه بها، وهدايته لها. ولأن الخالص لوجهه قليل. ويؤيد الثاني قوله في الرواية الأخرى هلَك. وقال النَّووي: التأويل الثاني هو الصحيح, لأن التقصير غلب على الناس، فمن استقصى عليه ولم يسامح هلك.
ووجه المعارضة أن لفظ الحديث عام في تعذيب كل من حوسب،