للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخامس: المنع مطلقًا في حياته, والتفصيل بعده بين من اسمه محمد وأحمد، فيمتنع وإلا فيجوز. قال في "الفتح": وفي الجملة أعدل المذاهب المذهب المفصل المحكي أخيرًا مع غرابته.

وقوله: "ومن رآني في المنام فقد رآني" مَنْ شرطية، جوابه فقد رآني، ولأجل كون الجزاء لابد أن يكون غير الشرط، ويكون الشرط سببًا متقدمًا عليه، والأمر هنا ليس كذلك كان الجزاء حقيقة لازم، فقد رآني في تقديره فليستبشر، فإنه قد رآني. واتحاد الشرط والجزاء صورةً يدلُّ على الكمال والغاية، كما مر عند قوله: "فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله".

وقوله: "فإن الشيطان" الفاء فيه للتعليل، والشيطان اسم إن وخبرها قوله "لا يتمثل"، والشيطان إمّا مشتق من شاط أي هلك، فهو فَعْلان، ونونه زائدة، وهو غير مصروف، وإما من شطن، أي بَعُد فهو فيْعال، ونونه أصلية، وهو مصروفٌ، والشيطان معروف، وكل عاتٍ متمردٍ من الجنِ والإِنس والدّواب الشيطانُ. والعرب تُسمي الحية شيطانًا.

وقوله: "لا يتمثل في صورتي" أي لا يتصور في مثل صورتي، يقال مَثَّلْثُ له كذا تمثيلًا فتمثل، أي صوَّرت له بالكتابة وغيرها فتصَوَّر. قال {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} [مريم: ١٧] والتركيب يدل على مناظرة الشيء للشيء. وفي رواية: "فإن الشيطان لا يتمثل بي" وفي حديث جابر عند مسلم وابن ماجة "أنه لا ينبغي للشيطان أن يتمثل بي". وفي حديث ابن مسعودٍ عند التِّرمذِيّ وابن ماجه "إن الشيطان لا يستطيع أن يتمثل بي". وفي حديث أبي قتادة "وإن الشيطان لا يتراءى" بالراء، بوزن يتعاطى. ومعناه: لا يستطيع أن يصير مرئيًا في صورتي. وفي رواية غير أبي ذَرٍّ "يتزايا" بزاي، وبعد الألف تحتانية. وفي حديث أبي سعيد "فإن الشيطان لا يتكونني".

أما قوله: "لا يتمثل بي" فمعناه لا يتشبه بي، وأما قوله "لا يتراءى بي"

<<  <  ج: ص:  >  >>