فرجح بعض الشُرّاحِ رواية الزاي عليها أي لا يظهر في رئيي وليست الرواية الأخرى ببعيدةٍ من هذا المعنى. وأما قوله:"لا يتكونني" أي: لا يتكون كوني فحذف المضاف ووصل المضاف إليه بالفعل، والمعنى لا يتكون في صورتي، فالجميع راجع إلى معنى واحد.
وقوله:"لا يستطيع" يُشير إلى أنَّ الله تعالى وإن أمكنه من التصور في أي صورةٍ أراد، فإنه لم يمكّنه من التصور في صورة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، وقد ذهب إلى هذا جماعة، فقالوا في الحديث: إن محل ذلك إذا رآه الرائي على صورته التي كان عليها. ومنهم من ضيق الفرض في ذلك حتى قال: لابد أن يراه على صورته التي خرج من الدنيا عليها، حتى يعتبر عدد الشعرات البيض التي لم تبلغ عشرين شعرة. والصواب التعميم في جميع حالاته، بشرط أن تكون صورته الحقيقية في وقت ما، سواء كان في شبابه أو رجوليته أو كهوليته أو آخر عمره. وقد يكون لما خالف ذلك تعبير يتعلق بالرائي.
وقوله:"فقد رآني" في رواية "فقد رأى الحق" وفي رواية "فسيراني في اليقظة" وفي رواية "فكأنما رآني في اليقظة" وفي رواية "فقد رآني في اليقظة". قال المازريّ: اختلف المحققون في تأويل هذا الحديث، فذهب القاضي أبو بكر بن الطيب إلى أن المراد بقوله "من رآني في المنام فقد رآني" أن رُؤياه صحيحة لا تكون أضغاثًا، ولا من تشبيهات الشيطان. قال: ويعضده قوله في بعض طرقه "فقد رأى الحق" قال: وفي قوله "إن الشيطان لا يتمثل بي" إشارة إلى أنّ رؤياه لا تكون أضغاثًا. ثم قال المازري: وقال آخرون: بل الحديث محمول على ظاهره، والمراد أن من رآه فقد أدركه، ولا مانع يمنع من ذلك، ولا عقل يحيله، حتى يحتاج إلى صرف الكلام على ظاهره، وأما كونه قد يُرى على غير صفة، أو يُرى في مكانين مختلفين معًا، فإن ذلك غلط في صفته وتخيل لها على غير ما هي عليه، وقد يظن بعض الخيالات مرئيات، لكون ما يتخيل مرتبطًا بما يرى