وقوله "أيْقظوا صواحب الحُجَر" بصيغة الأمر، مفتوح الأول مكسور الثالث، وصواحب بالنصب على المفعولية، وجوّز الكرمانيّ "إيقَظوا" بكسر أوله وفتح ثالثه، وصواحب منادى، والحُجَر بضم الحاء وفتح الجيم، جمع حُجْرة، وهي منازل أزواج النبي، صلى الله تعالى عليه وسلم، كما هو مصرح به في بعض الروايات بلفظ "يريد أزواجه لكي يصلين"، وإنما خصهن بالإيقاظ لأنهن الحاضرات حينئذ، أو من باب إبدأ بنفسك ثم بمن تعول. وفي رواية "من يوقظ صواحب الحجرات"، ودلت رواية أيقظوا على أن المراد بقوله "من يوقظ" التحريض على إيقاظهن.
وقوله "فرب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة" بزيادة الفاء في أوله، وفي رواية بحذفها، وفي رواية ابن المبارك "يارُبَّ" بزيادة حرف النداء في أوله، وفي رواية هشام "كم من كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة". وهذا يؤيد ما ذهب إليه ابن مالك من أن "ربَّ" أكثر ما ترد للتكثير: فإنه قال: أكثر النحويين أنها للتقليل، وأن معنى ما يصدر بها المضيّ، والصحيح أن معناها في الغالب التكثير، وهو مقتضى كلام سيبويه، فإنه قال في باب "كم" اعلم أن "كم" في الخبر لا تعمل إلا فيما تعمل فيه "رب" لأن المعنى واحد، إلا أن "كم" اسم "ورب" حرف، ولا خلاف. إن معنى كم الخبرية التكثير، ولم يقع في كتابه ما يعارض ذلك، فصح أن مذهبه ما ذكر، وحديث الباب شاهد لذلك، فليس مراده أن ذلك قليل، بل المتصف بذلك من النساء كثير، وهنَّ أكثر أهل النار، ولذلك لو جعلت "كم" موضع "رب" لحسن، وقد وقعت كذلك في نفس هذا الحديث، لكن الحديث إنما يدل لورودها في التكثير لا لأكثريتها فيه، وأما تصدير "رب" بحرف النداء في رواية ابن المبارك، فقيل: المنادى فيه محذوف والتقدير: يا سامعين، وقد مر في باب "رُبّ مبلغ" استيفاء الكلام على مباحث "رب". وقوله كاسية على وزن فاعلة من كسا، ولكنه بمعنى مكسوَّة كما في قول الحطيئة: